في المجتمعات التي تشهد اقتتالا مستمرا، يجد أصحاب المطامع والنفوس المريضة، بيئة مناسبة لتحقيق الربح الأكبر، منتهزين الغياب الكامل للرقابة وانشغال المسؤولين بالقتال على مناصبهم.
لم يجد هؤلاء حرجا، في استخدام مواد قاتلة أو تؤدي إلى أمراض خطيرة مع استخدامها على المدى الطويل، ولكن الأهم الحصول على إنتاج أكبر بتكلفة أقل لتحقيق أكبر قدر ممكن من المكسب، حتى لو كانت ذلك سيقتل الملايين.
وفي ليبيا، حياة المواطن بشكل عام في خطر دائم ومستمر، فإذا لم يُقتل المواطن أثناء قتال الميليشيات أو تعدي أحد أعضائها عليه، فهو حتما سيموت إما مصابا بالتسمم، أو مصابا بورم سرطاني قاتل، تسببت فيه المواد المستخدمة في الخبز لزيادة إنتاجيته وحجمه.
الليبيون الآن يواجهون حرب بقاء، واستمرت تلك الحرب على مدار عقد كامل مضى بسنواته، ولكن كان من بين أعداءهم قاتل محترف يقتل ببطء، وهي مادة “برومات البوتاسيوم”، وهي مادة شديدة السُمية مسرطنة، تستخدمها تقريبا كل أفران الخبز على مستوى ليبيا بالكامل.
وفي تجربة قد تكون مرعبة للبعض، فإن المركز الليبي المتقدم للتحاليل الكيميائية، أحال 8 عينات دقيق للتحليل في مختبر “لاب فيت” المعتمد دوليا في دولة تونس، وكانت المفاجأة أن كل العينات التي تم تحليلها، تحتوي على مادة “برومات البوتاسيوم المسرطنة”.
العينات التي تم أخذها لتحليلها، هي عينات تابعة لشركات يتعامل معها الشعب الليبي يوميا، وهم النور والطيب والوسام الذهبي وكنوز والربيع، والشركة الاستثمارية والعزيزية وسهول الربيع وجنات إفريقيا، وغيرها من العلامات التجارية المعروفة في ليبيا.
الكارثة هنا ليست في تواجد المادة فقط، ففي بعض العينات التي تم تحليلها، وجِدت نسبة تلك المادة بنسبة تخطت الـ 26 ملغرام، وهي نسبة عالية للغاية، لأن المعدل الطبيعي في حال استخدامها وحتى لا تتسبب في الأذى هو أقل من ميكروغرام واحد.
ولمحاولة الحد من تلك الظاهرة، أصدر وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها، محمد الحويج، قرارا باستمرار حظر استيراد مادة “برومات البوتاسيوم”، ورمزها في النظام المنسق لتصنيف وتبويب السلع “9021ـ 29ـ28″، والمدرجة فيه كمركب كيميائي.