أزمة امتدت لسنوات، كان أشعلت فتيلها جماعة الإخوان المسلمين، منذ 2011 وحتى الآن، فلم يعطوا فرصة لأي حل من الحلول المطروحة على الساحة السياسية الليبية، وأغلقوا كل الأبواب أمام استعادة البلاد عافيتها من جديد، بعد أن وجدوا ازدهارهم في خراب البلاد والانشقاق والفرقة بين أبنائها.
على مدار السنوات الماضية، انخرطت ليبيا في مباحثات ومداولات ومشاورات، جميعها لم يأتي بثماره، حتى المُبشر منها، لم تتح له الفرصة للنجاح، بسبب التدخلات التي تحمل في طياتها الشر من قبل جماعة الإخوان داخل وخارج ليبيا، والدول التي تساندها وعلى رأسها تركيا.
آخر تلك المحاولات التي ربما يكون في ظاهرها الإصلاح ولكن باطنها تحمل تطويل أمد الأزمة، هي ما دعت إليها المستشارة الأممية في ليبيا ستيفاني وليامز لجمع مجلسي النواب والدولة الاستشاري في تونس على طاولة جديدة لإنشاء قاعدة دستورية تقام على أساسها الانتخابات.
المجلس الذي عرقل العديد من مسيرات الإصلاح ومحاولات إنهاء الانقسام طوال الفترة الماضية، أغلب المفاوضات والحوارات التي كان طرفا فيها جميعها كانت نتيجتها واحدة، الخروج بتوصيات هامة واجبة التطبيق يتفق عليها الجميع، ولكن كان دائما من اعتاد أن ينكث بوعده ولا يعتمد أي اتفاق، وكان دائما لجماعة الإخوان المسلمين اليد العليا في ذلك الانقسام والتفتت السياسي الذي شق صف البلاد.
مجلس الدولة الاستشاري، أو مجلس جماعة الإخوان، هو واحد من الكيانات السياسية شديدة الخطورة التي أوصلت ليبيا لما هي عليه الآن، خاصة بعد سيطرة الجماعة بشكل كامل عليه، فذلك المجلس، استمد قوته من زيادة الانشقاق بين صفوف الشعب الليبي من ناحية، والقوى السياسية من ناحية أخرى.
دائما كان دور مجلس الدولة في أي مشاورات هو تخريبها قبل أن بدايتها، فبعد أي اتفاق يتحجج بنقاط يراها من وجهة نظره أنها ستكون لها أثارها السلبية على مستقبل البلاد، إلا أنه في حقيقة الأمر استمرار هذا المجلس بأعضائه التابعين للجماعة التخريبية، هو أكثر ما يؤذي حاضر البلاد ومستقبلها.
ويرى مراقبون أن المستشارة الأممية، ستيفاني وليامز تحاول أن تقفز على المسار الدستوري بالبلاد، من خلال دعوتها إلى مشاورات جديدة بين مجلس النواب والدولة، وإنشاء لجنة لاختيار قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات مؤلفة من المجلسين، إلا أن تلك الدعوة الخبيثة كانت قوبلت في البداية بالرفض من أعضاء بالبرلمان.
حتى أكد اليوم أعضاء من مجلس النواب الليبي نية البرلمان المشاركة في المشاورات التي ستتم برعاية أممية مع مجلس الدولة، مع التأكيد أن الانتخابات لن تجرى إلا وفق التعديل الدستوري الأخير، أي بعد نحو 14 شهرا”.
وقال النائب في البرلمان الليبي عبد المنعم العرفي، إن “البرلمان اختار لجنة للمشاركة في محادثات الحوار بتونس لمناقشة تنفيذ خريطة الطريق النيابية وفقا للتعديل الدستوري الـ 12”.
وأوضح في تصريحات صحفية أن “البرلمان شكَّل هذه اللجنة من 12 عضوا مناصفة بين النواب وخبراء القانون الدستوري لحل النقاط الخلافية وإيجاد قاعدة دستورية ومعالجة القوانين الانتخابية”.
في السياق متصل أشارت عضو البرلمان الليبي عائشة الطبلقي في تصريحات نقلتها سكاي نيوز إلى أن “البرلمان قرر تشكيل لجنة لإنجاز القاعدة الدستورية حتى لا يكون معرقلا لأي مشروع ينهي الأزمة”.
واعتبرت أن “المشاركة بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في وضع القاعدة الدستورية هو أحد نتائج الاتفاق السياسي”، وأن “الاتفاق بين المجلسين سيدعم حكومة الاستقرار برئاسة فتحي باشاغا”.
وبدأت مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا ستيفاني وليامز الثلاثاء، اجتماعاتها مع أعضاء مجلس الدولة الاستشاري، في تونس، لإعداد القاعدة الدستورية للانتخابات المقبلة.
وقالت وليامز، في كلمتها بافتتاح الاجتماعات، إنها تتوقع انضمام أعضاء مجلس النواب الليبي للاجتماعات قريباً، حتي تتمكن اللجنة من الشروع رسميا في عمل اللجنة المشتركة لتحديد القاعدة الدستورية.
واقترحت إجراء مشاورات متعمقة مع أعضاء مجلس الدولة لتحضير للاجتماع الرسمي مع وفد مجلس النواب، مشيرة إلى أن هذه المشاورات أن توفر فرصة جيدة لطرح ومناقشة آرائكم ومقترحاتكم.