وزيرة الخارجية الليبية تمنع اعتماد الصحفيين الدوليين من تغطية انتخابات ديسمبر

0
680
وزيرة الخارجية الليبية - مدير مكتب الإعلام الخارجي
وزيرة الخارجية الليبية - مدير مكتب الإعلام الخارجي

أصدرت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، أمس الثلاثاء، إحصائيات تتعلق بنشاط المفوضية الخاص باعتماد المراقبين والإعلاميين، لكنها لم تتضمن اعتماد أي جهة من الصحفيين الممثلين للإعلام الدولي، من قبل وزارة الخارجية الليبية، داخل العاصمة طرابلس.

وأوضح الإحصاء اعتماد عدد 147 إعلامي محلي فقط، بالإضافة إلى 1800 مراقب، محليين أيضاً، دون الإشارة حتى الآن إلى الإعلاميين والمراقبين الدوليين.

وجاءت انتخابات 24 ديسمبر ضمن خارطة طريق في عملية سياسية أقرتها الأمم المتحدة في جنيف من العام الماضي، من أجل الوصول بالبلاد إلى الاستقرار. مفاوضات السلام الأممية أنتجت عن طريق آلية اختيار من قبل عدد من أعضاء ملتقى حوار سياسي، اختير من قبل بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا حكومة وحدة وطنية، يترأسها عبد الحميد دبيبة.

وبعد أن استقصى مراسل صحيفة الشاهد الليبية، داخل العاصمة طرابلس أسباب منع اعتماد الصحافة الدولية، تبين أن مدير إدارة الإعلام الخارجي، أحمد الأربد، هو من يقف وراء ذلك، وهي إدارة تتبع مباشرة لوزارة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية.

وفي عدد من اللقاءات مع مجموعة من الصحفيين لعدة وسائل دولية داخل طرابلس، قررت صحيفة الشاهد، تلبية لطلب الصحفيين، سحب أسمائهم وأسماء الوسائل الإعلامية التي يعملون بها حماية لهم من الانتقام، وردات الفعل غير المتوقعة من وزارة الخارجية.

يقول صحفي- ذو 46 عاما: “أنا أعمل كممثل لوسيلة إعلامية دولية من قبل 2011، كانت إدارة الإعلام الخارجي تعتبر جهة إدارية تنظيمية لعملنا بالرغم من الصبغة الأمنية في جوهر عملهم ولكن كانت تحمينا وتدافع عنا بكل ما تحمل الكلمة من معنى”، مضيفاً: “اليوم وفي ظل الفوضى وغياب الدولة، أصبحت هذه الإدارة عبارة عن سجّان، ميليشيا، مجموعة بلطجة تعمل ليل نهار على إيقاف الصحفيين من ممارسة عملهم بكل حرية”.

ويقول صحفيان اثنان يعملان لدى موقع وردايو دوليين: “أحمد الأربد، مدير إدارة الإعلام الخارجي، ليس لديه أي كفاءة تخوله لهذا المنصب، ولكن يبدو أن ما يتمتع به من تعسف وبلطجة هو ما جعل وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش تختاره ليتناسب مع عمل حكومة الوحدة الوطنية”.

وفي مقابلة أخرى مع أربعة صحفيين في إحدى المقاهي بمدينة طرابلس، قالوا إنهم يحاولون يومياً التواصل مع مدير إدارة الإعلام الخارجي،  الأربد، لكن دون جدوى ولا يوجد رد منه: ” الأربد لم يتغير منذ أن كان في المنصب عام 2018، بل زاد سوءا”.

كما قال الصحفيون الأربعة إن المفوضية العليا للانتخابات طلبت منذ أسابيع مضت تقديم عدد من الوثائق من أجل إصدار بطاقات للتغطية الصحفية للانتخابات المزمع عقدها في نهاية العام الجاري. ولكن تغيرت الآراء بعد أن قام أحمد الأربد بزيارة المفوضية وطلب منهم إيقاف هذه الإجراءات لكي تتم عن طريقه هو فقط.

قال أحد الصحفيين الأربعة : “تقدمنا بأوراق اعتمادنا كما طلبت المفوضية ولكن بعد أن تغيرت الإجراءات حاولنا التواصل مع إدارة الإعلام الخارجي حتى نفهم كيف يمكن أن نستمر في الإجراءات ولكن لا يوجد رد منهم ولا يوجد أحد في المكتب”.

وأردف آخر: “حاولت الوسيلة التي أعمل لصالحها التواصل معه، ولكن لا يرد على الهاتف، يقرأ الرسائل على الواتساب ولا يرد، وعلى الأرجح عدم رده هو عدم قدرته على التواصل لأنه لا يتحدث أي لغة أجنبية”.

الغريب أن كل من يعمل في وزارة الخارجية هو دبلوماسي بحسب الأعراف، ولكن يبدو أن أعراف حكومة الوحدة الوطنية تعمل بمقاييس مختلفة”، بينما أضاف الثالث: “هذه طبيعة الصحافة في بلد يحكمها المليشيات”.

الجميع اعتقد أن وصول حكومة عبد الحميد دبيبة يمكن أن يغير الوضع، ولكن على مستوى الصحافة أصبحت أسوأ، حتى من عهد العقيد الراحل معمر القذافي الذي يتهمونه بمنع الحريات”.

وتابع: ” تفصلنا أيام عن موعد الانتخابات ونحتاج إلى مساعدة فورية من السلطات لممارسة عملنا بكل حرية لنقل هذا الحدث الكبير في ليبيا؛ ولكن يبدو أن الحكومة وبالأخص وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش متعمدة منع الصحافة من الحصول على اعتماد لتغطية الانتخابات، ربما من أجل مصلحة سياسية معينة”.

وقال موظف في إدارة الإعلام الخارجي بوزارة الخارجية الليبية، فضل عدم ذكر اسمه؛ خشية الانتقام: “طبيعة العمل داخل الإدارة هي عبارة عن خلية فوضى، الجميع يفكرون كيف يطورون من أنفسهم لممارسة ضغوطات أكثر وأكبر على الصحفيين. يتجسسون عليهم، يضايقونهم بكل الوسائل، ويتعمدون ترويعهم، لا يتهاونون أبدا في عمل إي شيء لإيقاف عملهم”.

إدارة الإعلام الخارجي التابعة لوزارة الخارجية تم تأسيسها قبل عام 2011 بسنوات قليلة من أجل متابعة عمل الصحافة الدولية في ليبيا أمنياً وإدارياً، بالإضافة إلى تتبع محتوى التقارير.

المخابرات الليبية تعمل أيضاً ضمن عمل الإدارة. وبعد اندلاع الانتفاضة الشعبية التي أدت إلى سقوط النظام السابق، اتخذت إدارة الإعلام الخارجي برئاسة عدد من موظفيها إلى إجراءات تعسفية تقيد عمل وحرية الصحافة داخل البلد.

وقال الموظف: “الوزيرة نجلاء المنقوش لا تعرف شيئا عن الإدارة، لم تقم حتى بزيارتها وأشك أنها تعرف حتى موقع الإدارة، من يدير هذه الإدارة هم عدد من المخبولين والمخابرات الذين يحاولوا إظهار ما يمتلكون من مهارات في البلطجة”.

ويتابع: “إن الصحفيين المسجلين لدينا معروفون ويمكن متابعة عملهم بسهولة من أجل تقديم تقارير عن عملهم ولكن يفضل كل من يترأس الإدارة أن يجدد الدماء وذلك عن طريق اختراع وسائل جديدة لعرقلة عمل الصحفيين”.

“إذا أُصدرت للصحفي بطاقة من إدارة الإعلام الخارجي، فهذا لا يكفي لأن البطاقة لا تعني شيئا وغير معترف بها بل على كل صحفي أن يزور الإدارة لاستخراج تصريح صحفي يذكر فيه تفاصيل التقرير. عادة ما تستغرق هذه العملية أسبوعاً، وذلك عن قصد من قبل الإدارة في حين يمكن إرسالها عبر البريد الإلكتروني خلال دقائق”.

يتهكم الموظف: ” البريد الإلكتروني لإدارة الإعلام الخارجي معطل ولا يعمل، وإذا طلب أحمد الأربد أو حتى ممن سبقوه، من أي جهة إرسال الوثائق عبر البريد، فبكل تأكيد لا يريد تقديم المساعدة لهم. وعند السؤال عن التصريح: سيقول إن عليهم إعادة إرسال البريد الإلكتروني. هذا الأمر متعمد حتى يشعر الصحفي بالملل. وإذا غضب؛ وقتها ستتحول القضية إلى أمر آخر وفي العادة ينسحب الصحفيون دون الدخول في جدل خوفا من سحب اعتمادهم”.

يشعر صحفي استقال بسبب مضايقات إدارة الإعلام الخارجي بالأسف على ما آلت إليه الأوضاع في مجال الصحافة، ويقول: “هذه إدارة ميليشيا وليست إعلام. هؤلاء ثلة من الفاشلين الذين يعانون من أمراض نفسية لا جدال فيها. لا يمكن لإنسان عاقل أن يفعل ما يفعله موظفو ومديرو إدارة الإعلام الخارجي”.

“عندما كنت أزورهم لطلب تصريح صحفي، كنت أشعر بالغثيان. كانوا يعانون وتائهون بين المكاتب. كان الموظف يطبع الرسالة بيد واحدة كل حرف على حدة، أحيانا ينظر للورقة وأحيانا ينظر للشاشة واليد الأخرى بها سيجارة”.. يضيف الصحفي: “وفي نهاية المطاف يطبع ورقة مليئة بالأخطاء. أعتقد أن كلمة فاشلين لا توفيهم حقهم”.

“لو يعلم رئيس الحكومة عبد الحميد دبيبة ووزيرة الخارجية نجلاء المنقوش عند مدى السخط الدولي والسمعة السيئة التي تعكسها إدارة الإعلام الخارجي عن الحكومة، لما استمرت هذه الإدارة حتى ساعة”.

تقول باحثة كانت في زيارة إلى طرابلس: “أشعر بالأسف عن المستوى الذي وصلت إليه الأوضاع لكبح حريات الصحافة في ليبيا. ما يحصل الآن من إجراءات تعسفية ضد الصحافة هو فتيل قد يشتعل يوماً في وجه السلطات ولن يستطيعوا وقتها تدارك الموقف”.

“على وزيرة الخارجية الليبية المنقوش التحرك سريعاً لإعادة النظر في هذه الإدارة”.. تتابع الباحثة الدولية: “استمرار هكذا أفعال قد تزيد من الوضع حدة وبالأخص أن الإعلام مقاتل شرس لا يستهان به ولكن يبدو أن السلطات في طرابلس لا تعي خطورة الموقف”.