على مدار عام وأكثر شرعنت حكومة حزب العدالة والتنمية بإيذان وتوجيه من الرئيس رجب أردوغان، لسرقة ثروات الليبيين ونفطهم لإنقاذ الاقتصاد المنهار، وللحد من نزيف الليرة التركية.
باتفاقيات كثيرة، مع حكومة الوفاق الليبية السابقة ورئيسها فايز السراج، كان أبرزها الاتفاقية الثنائية في نوفمبر الماضي، والتي بموجبها قدمت أنقرة الدعم لحكومة الوفاق، مقابل دفع رواتب المرتزقة والأسلحة التركية.
وكانت تلك الاتفاقية بداية لاتفاقيات تشتطيع من خلال تركيا التحكم في الاقتصاد الليبي، ففي سبتمبر الماضي، وقعت وزارة الصناعة والتكنولوجيا التركية اتفاقية مع مصرف ليبيا المركزي؛ لتعزيز التعاون بين الجانبين في مجالات الاستثمار وريادة الأعمال والتكنولوجيا.
ولكن الحقيقة أنها سمحت بمزيد من التوغل داخل مصرف ليبيا المركزي، والذي تسيطر عليه جماعة الإخوان المسلمين، ممثلة في مجلس الإدارة الذي يرأسه الصديق الكبير.
ونهاية أغسطس من العام نفسه، أبرم البنك المركزي التركي مذكّرة تفاهم مع نظيره الليبي؛ لتأسيس الأرضية اللازمة للتعاون بينهما في القضايا التي تهم البنوك المركزية، وبموجبها تم إيداع مليارات الدولارات في البنك التركي للحد من نزيف العملة التركية الرسمية.
وفي نفس الفترة، قرر البنك المركزي التركي التحفظ على الأرصدة الليبية المودعة بالبنوك التركية، إلى حين انتهاء تسوية الديون الليبية.
ومن الديون تكاليف المساعدات العسكرية المقدمة لقوات الوفاق، وعلاج الجرحى الليبيين في المستشفيات التركية، بعلم الصديق الكبير،
وذلك فضلاً عن نفقات نقل المرتزقة السوريين، إلى جانب تنفيذ الأحكام القضائية القاضية بتعويض الشركات التركية عن أعمال ومشاريع نفذّت في ليبيا.
ويبلغ حجم الأموال الليبية المجمّدة في المصارف التركية منذ سقوط نظام معمر القذافي حوالي 4 مليارات دولار، ويمتلك المصرف الليبي الخارجي أكثر من 60% من مساهمات المصرف العربي التركي، فضلا عن أرصدة أخرى مودعة في بنك زراعات التركي.
وفي نفس الشهر، وتحديداً في 13 أغسطس الماضي، وقعت الحكومة التركية، اتفاقاً لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع حكومة الوفاق، وتحديداً بين وزارتي التجارة التركية والتخطيط الليبية، لمنح مزيد من الصفقات، لتعويض تركيا عن خسائرها المتلاحقة.
لم تنته الاتفاقيات عند هذا الحد، ففي العام الماضي، وقعت حكومة الوفاق اتفاقية تنص على إعداد تقييم شامل للمشاريع فنياً واقتصادياً والجدوى الاقتصادية من استمرارها أو انتهائها وتعويض الشركات التركية مرة أخرى، وهي ذات الشركات التي لها كان لها استثمارات في ليبيا وتوقفت بعد أحداث فبراير 2011.
وبأمر مباشر، نقلت حكومة السراج إدارة هيئة الجمارك الليبية إلى شركة تركية، ونص القرار على التعاقد مع شركة “إس سي كي” التركية، التي يديرها محمد كوكاباشا، أحد رجال الأعمال المقربين من أردوغان لإدارة مذكرات تتبع الشحنات البحرية، أي تسليم كافة مهام الهيئة للشركة التركية والإشراف على جميع السلع الواردة إلى ليبيا عن طريق البحر، وهو تفويض غير مسبوق، إذ يعطي لشركة خاصة القدرة على التحكم بواردات البلد.
ورسمت تركيا ملامح السيطرة على الاقتصاد الليبي، ففي يوليو 202، روجت وكالة الأناضول الرسمية التركية، لتقرير مفصل عن الثروات الليبية.
وقالت الأناضول إن ليبيا تزخر بثروات طبيعية، وهذا البلد لهذا السبب كان منذ القدم محل أطماع دولية.
وأشارت الوكالة إلى أن ليبيا تعد رابع أكبر بلد إفريقي من حيث المساحة وبالتالي تمتلك ساحلاً طويلاً مطل على البحر الأبيض المتوسط يبلغ 1770 كلم، ويوفر لها ثروة سمكية هامة لم تستغل بالشكل المطلوب، خاصة على مستوى خليج سرت ذو المساحة الواسعة والذي تحتكر ليبيا السيادة عليه.
وتابعت: هذا البلد يزخر كذلك باحتياطات منجمية هامة خاصة من الجبس والحديد، اللذين يدخلان في تصنيع عدة مواد متعلقة بالبناء، على غرار الحديد الصلب، والأسمنت والزجاج، والسيراميك.
وتحدثت الوكالة، عن مخزونات النفط الصخري الليبي رفعت احتياطات البلاد من 48 مليار برميل إلى 74 مليار برميل مما يجعلها الأولى عربياً من حيث احتياطات النفط الصخري والخامسة عالميا، بعد روسيا والولايات المتحدة والصين والأرجنتين.