طالت أيادي الخراب الذي خلفته الميليشيات التابعة للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، والمدعومة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كل شئ في المجتمع الليبي، فلم يسلم قطاع واحد من القطاعات التي تقدم خدماتها للمواطن الليبي من بطشهم سواء بطريقة مباشرة عبر التعدي والسرق والنهب، أو بطريقة غير مباشرة مثل توفير النفقات لرواتبهم ومعيشهم.
وفي ظل مطامع تركيا في الوصول لثروات الشعب الليبي، بالتعاون مع حكومة الوفاق في ذلك، الخاسر الوحيد هو المواطن بعد أن حرم من كافة أشكال الحياة الآدمية، وسُلبت منه حريته وحياته وخيرات بلاده، وأصبح حصوله على حقه في وطنه أمر غريب، في الوقت الذي ينعم فيه غيره بخيرات بلده.
لعل أحد أبسط الحقوق التي طالب المواطن الليبي الحصول عليها في بلده، وهو حق آدمي حتى يستمر في الحياة، هو حق الحصول على مياه بشكل دائم، إلا أن حتى ذلك الحق أصبح صعب المنال، فبعد أن سيطرت الميليشيات على كل شئ، أصبحت مصادر المياه في غرب ليبيا والمصادر التي تغذي جميع المدن الليبية بين يديهم يتحكمون فيها كيفما شاءوا.
وخلال الأشهر الماضية، شهدت أعداد كبيرة من المدن الليبية المحيطة بالعاصمة الليبية طرابلس، والتي يسيطر عليها تلك الميليشيات بشكل كامل وتخضع لحكمهم، استمر مسلسل انقطاع المياه عن تلك المدن، بسبب أعمال التخريب التي طالت مصادرها أو عبر الغلق العمد لتلك المصادر كنوع لتصفية الحسابات بين المدن والأخرى.
أما القطاع الأخر الذي تضرر بشكل بالغ ويحتاج إلى مليارات الدينارات لإعادة إحياءه من جديد، هو قطاع التعليم، فما نجا من المباني والمنشآت والمدارس في مختلف المراحل من بطش الميليشيات، أصبح مآوى ومقر دائم لبعض الميليشيات، بل أن بعض المدارس حولتها المرتزقة السورية التي أرسلها الأتراك إلى مراكز للتدريب ولتعذيب الأسرى وحبسهم.
أما قطاع الصحة، فقد سخرت حكومة الوفاق مستشفيات طرابلس من أجل توفير الخدمة والرعاية الصحية للميليشيات التابعة لها والمرتزقة الذين زاد عددهم عن 27 ألفا، وعلى الرغم من انتشار فيروس كورونا في مختلف أنحاء ليبيا، إلا أن مستشفيات طرابلس والمدن المجاورة لها أصبحت بمثابة دعم لوجستي وصحي للمسلحين التابعين لحكومة الوفاق.