تتعمق أزمة القطاع الصحي في ليبيا يومًا بعد يوم، حتى باتت معاناة المرضى عنوانًا صارخًا لفشل إداري وفساد متجذر، يكشفه ما ورد في بيان لجنة الصحة والبيئة بمجلس النواب، إضافة إلى شهادات الخبراء وتقارير الرقابة الدولية. وبين الإهمال والفساد، يقف المواطن الليبي وحيدًا أمام منظومة صحية تخلت عن أبسط واجباتها.
بحسب بيان لجنة الصحة، وصلت الأوضاع إلى مرحلة يُقال فيها للمريض إن علاجه “لا يتم إلا إذا عرف فلان أو ابن فلان”، في مشهد مخجل يختصر كيف تحول الحق في العلاج إلى امتياز يعتمد على الوساطة، لا على الاحتياج الطبي. المواطنون ــ وفق البيان ــ يطاردون حقهم في العلاج وسط فوضى إدارية خلقتها أجهزة متعددة أنشئت تحت مسميات جذابة، لكنها نزعت صلاحيات وزارة الصحة دون أن تقدم بديلًا فعليًا، وعلى رأسها جهاز تطوير الخدمات العلاجية، إضافة إلى الهيئة الوطنية للأمراض الكلى ومركز الطب والطوارئ والدعم.
ورغم المخاطبات الرسمية التي توجهها اللجنة لهذه الجهات لتسهيل ملفات المرضى، إلا أن الرد يأتي دائمًا بمزيد من التعقيدات، وتعالٍ غير مبرر، وكأن المؤسسات الحكومية أصبحت أبوابًا مغلقة في وجه المواطن بدل أن تكون سندًا له. فلا توجد آليات واضحة للعلاج في الداخل أو الخارج، ولا معايير شفافة لتحديد الأولويات، ما جعل المرضى ضحية بيروقراطية قاتلة أزهقت أرواحًا كثيرة بسبب التأخير المتعمد أو الإهمال.
اللجنة أكدت أن هذه الممارسات لم تعد مجرد أخطاء فردية، بل تحولت إلى نمط عام يعكس خللًا بنيويًا يستوجب فتح تحقيقات عاجلة. لذلك طالبت النيابة العامة والجهات الرقابية بالتدخل الفوري، لمحاسبة كل من تسبب في وفاة أو زيادة معاناة المرضى نتيجة الإهمال أو الفوضى الإدارية، ولإعادة تقييم الأجهزة التي تحولت من أدوات للإصلاح إلى عبء على الدولة والمواطن.
وتتقاطع شهادة لجنة الصحة مع ما كشفه الخبراء حول حجم الفساد داخل القطاع، حيث أظهرت التحقيقات القضائية تورط مسؤولين في وزارة الصحة وجهاز الإمداد الطبي في قضايا اختلاس وتلاعب بمخصصات الأدوية وصلت إلى أكثر من 1.5 مليار دينار، إضافة إلى تزوير عقود توريد أدوية السرطان واستيرادها بطرق غير قانونية. هذا الفساد انعكس مباشرة على حياة المواطنين، من خلال نقص حاد في الأدوية والمعدات الأساسية داخل المستشفيات.
وتؤكد منظمة الشفافية الدولية عمق الأزمة، إذ جاءت ليبيا في عام 2024 ضمن أكثر عشر دول فسادًا في العالم، بعد حصولها على 13 نقطة فقط من 100 في مؤشر مدركات الفساد، ما يوضح انهيار منظومة الرقابة والشفافية، خصوصًا في قطاع حيوي مثل الصحة.
وبين جهاز علاجي مسلوب الصلاحيات، وهيئات عاجزة، وفساد يلتهم الميزانيات، وإهمال يقتل المرضى قبل المرض، يظل السؤال مطروحًا بقوة وإلحاح: من ينقذ المرضى في ليبيا؟
- بين الإهمال والفساد.. من ينقذ المرضى في ليبيا؟

- النيابة الليبية: حبس مدير عام سابق لمستشفى غريان التعليمي ولجنة استلام المعدات

- رئيس مجلس النواب الليبي يلتقي نظيره الإيطالي ونائب وزير الخارجية في روما

- على هامش معرض دبي للطيران.. شركة برنيق الليبية للطيران توقع اتفاقية لشراء محركات جديدة

- ليبيا.. البعثة الأممية ترحب باتفاق البرنامج التنموي الموحد بين مجلسي النواب والدولة





