بعد شهرين من إعلان خارطة تيتيه.. هل يشعر الليبيون بأي جديد؟

0
155
المبعوثة الأممية إلى ليبيا هانا تيتيه
المبعوثة الأممية إلى ليبيا هانا تيتيه

بعد أكثر من شهرين على إعلان الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، هانا تيتيه، خريطة الطريق السياسية لإنهاء الأزمة وإجراء الانتخابات، يبدو أن المبادرة تواجه مأزقاً حقيقياً، بعدما فشلت في خلق أي زخم سياسي أو شعبي داخل البلاد، لتتحول إلى خطوة رمزية جديدة في مسار أممي طويل يراوح مكانه.

فمنذ طرحها أمام مجلس الأمن في أغسطس الماضي، سعت تيتيه إلى إقناع الأطراف الليبية بخطة ترتكز على ثلاث ركائز أساسية: إعداد إطار انتخابي قابل للتطبيق، وتشكيل حكومة موحدة، وفتح حوار وطني شامل.

غير أن الواقع الليبي المنقسم والتعقيدات الميدانية جعلا المبادرة تصطدم بجمود واضح من جانب مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، اللذين ما زالا يتبادلان الشكوك بشأن أدوارهما في تنفيذ بنود الخطة، خصوصاً ما يتعلق بإعادة تشكيل مجلس إدارة المفوضية العليا للانتخابات وتسوية الخلافات القانونية حول التشريعات الانتخابية، وهي النقطة المفصلية التي يفترض أن تنطلق منها العملية السياسية.

هذا الغياب للتفاعل لم يقتصر على المؤسسات السياسية، بل شمل الشارع الليبي أيضاً، إذ لم تنجح تيتيه في خلق حوار وطني واسع أو في بناء قاعدة دعم شعبي للمبادرة، ما جعلها أقرب إلى مشروع إداري محصور داخل أروقة الأمم المتحدة، لا خطة سياسية قادرة على إنتاج توافق وطني حقيقي.

ويرى محللون أن البعثة فشلت في التعامل مع واقع الانقسام الداخلي، وبدت خريطتها غامضة ومفتقرة إلى الأدوات التنفيذية، وهو ما زاد من تآكل الثقة في جدوى الدور الأممي داخل ليبيا.

وتواجه تيتيه في المقابل بيئة دولية وإقليمية شديدة التعقيد، حيث تتداخل فيها المصالح الأجنبية على الأرض الليبية، فحالة التداخل الدولي والتنافس داخل ليبيا، جعل من تنفيذ أي خريطة طريق أممية مهمة شبه مستحيلة.

ويرى مراقبون أن مصير الأزمة الليبية تحدده التفاهمات بين القوى الكبرى وليس جهود البعثة الأممية، وبالتالي فإن تيتيه تفتقر إلى الحماس والوضوح اللازمين لإحداث اختراق حقيقي.

ومع تزايد مظاهر الجمود، تتنامى التحذيرات من أن يؤدي فشل خريطة تيتيه إلى تعميق الفراغ السياسي القائم، وهو فراغ تستفيد منه التشكيلات المسلحة لبسط نفوذها وإعادة إنتاج مراكز القوة خارج المؤسسات الرسمية، ما يهدد الاستقرار الهش الذي تعيشه البلاد.

فبعد عقد من الانتكاسات السياسية، لم تنجح أي مبادرة محلية أو أممية في إيصال ليبيا إلى انتخابات عامة، رغم تكرار الوعود والمواعيد الزمنية، بدءً من اتفاق الصخيرات مروراً بمؤتمرات برلين وباريس وصولاً إلى المسار الحالي.

ويجمع أغلب المراقبين على أن خريطة تيتيه لم تحقق تقدماً ملموساً، ولم تُحدث اختراقاً في بنية الانقسام الليبي، فهي ما زالت محصورة في الإطار النظري دون خطوات تنفيذية واضحة، فيما يواصل الفاعلون المحليون والدوليون توظيفها في سياقاتهم الخاصة.

وبهذا المعنى، يمكن القول إن الخطة الأممية تحولت إلى وثيقة نيات حسنة أكثر منها مشروعاً سياسياً قابلاً للتطبيق، في مشهد تتداخل فيه الحسابات الإقليمية والدولية مع ضعف الإرادة الوطنية، لتبقى الأزمة الليبية تدور في الحلقة ذاتها من التجاذب والانتظار المفتوح.