5 سنوات على اتفاق وقف إطلاق النار.. سلام هشّ وتحديات مستمرة في ليبيا

0
142

بعد مرور 5 سنوات على توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا، ما زالت البلاد تواجه صعوبات كبيرة في ترجمة بنود الاتفاق إلى واقع ملموس، وسط استمرار الانقسام السياسي وتعدد مراكز القوى على الأرض.

في الـ23 من أكتوبر عام 2020، وقعت اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) اتفاقًا لوقف إطلاق النار في مدينة جنيف السويسرية، برعاية الأمم المتحدة، بعد سنوات من الصراع المسلح بين القوات المتنازعة شرقًا وغربًا. وقد مثل الاتفاق حينها خطوة مهمة نحو تهدئة الأوضاع وفتح الباب أمام مسار سياسي شامل، إلا أن تنفيذه لم يكتمل حتى اليوم.

نص الاتفاق على عدة التزامات رئيسية، أبرزها خروج جميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب من الأراضي الليبية برًا وبحرًا وجوًا خلال ثلاثة أشهر من تاريخ التوقيع، إضافة إلى تجميد العمل بالاتفاقيات العسكرية الخاصة بالتدريب داخل ليبيا إلى حين تسلّم حكومة موحدة مهامها. لكن هذا البند لم يُنفذ، إذ استمر وجود المقاتلين الأجانب في البلاد، خصوصًا في غرب ليبيا، حيث بقيت مجموعات من المرتزقة السوريين، في حين ظلت الاتفاقيات العسكرية مع الجانب التركي سارية المفعول رغم تشكيل حكومة الوحدة الوطنية في مارس 2021.

كما تضمّن الاتفاق بندًا يتعلق بحصر وتصنيف المجموعات المسلحة المنتشرة في البلاد، تمهيدًا لتفكيكها ودمج أفرادها في مؤسسات الدولة. إلا أن هذا المسار أيضًا لم يحرز تقدمًا يذكر، إذ ما زالت مناطق واسعة من غرب ليبيا خاضعة لسيطرة تشكيلات مسلحة غير نظامية، ازدادت قوةً ونفوذًا خلال السنوات الأخيرة نتيجة الدعم المالي والسياسي الذي تلقته من الحكومة القائمة.

وبالإضافة إلى ذلك، نص الاتفاق على إيقاف التصعيد الإعلامي وخطاب الكراهية، وهو بند لم يُطبّق بدوره، إذ تواصل بعض القنوات والمنصات بث خطاب تحريضي يسهم في تعميق الانقسام بين شرق البلاد وغربها.

يرى مراقبون أن اتفاق وقف إطلاق النار، رغم أهميته، ظلّ هشًا في ظل غياب آلية تنفيذ واضحة وضعف الإرادة السياسية لدى الأطراف المعنية. كما ساهم استمرار الانقسام المؤسسي وتعدد الولاءات في إضعاف قدرة الدولة على فرض سيادتها الكاملة.

ورغم مرور 5 سنوات على توقيعه، لا تزال ليبيا تعيش حالة من الجمود الأمني والسياسي، مع استمرار المخاوف من اندلاع مواجهات جديدة، خاصة في المناطق الغربية التي تشهد توترات متكررة بين الفصائل المسلحة.

وفي الوقت الذي تؤكد فيه الأمم المتحدة والمجتمع الدولي أهمية الحفاظ على وقف إطلاق النار، تبدو الخطوات العملية نحو تحقيق سلام دائم مرتبطة بتقدم المسار السياسي وتوحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية. ويرى محللون أن نجاح أي تسوية قادمة يتطلب التزامًا فعليًا بتنفيذ البنود المؤجلة من اتفاق جنيف، وتحديد جدول زمني واضح لخروج القوات الأجنبية وحل التشكيلات المسلحة، بما يضمن استقرار البلاد وتهيئة المناخ لإجراء الانتخابات الوطنية المؤجلة.