تُعيد الأمم المتحدة دق ناقوس الخطر بشأن مستقبل المصالحة الوطنية في ليبيا، بعد أن أكدت في تقريرها الأخير أن هذا المسار الذي يُفترض أن يكون جامعًا لكل الليبيين تحوّل إلى ساحة جديدة للتجاذب السياسي بين الأطراف المتنافسة.
التحذير الأممي، الذي ورد في تقرير الاستعراض الاستراتيجي لبعثة الأمم المتحدة وقد تسلمه مجلس الأمن، يضع المصالحة الليبية أمام سؤال محوري: هل لا تزال أداة لبناء الدولة، أم أصبحت ورقة ضغط في صراع الشرعيات؟
يشير التقرير إلى أن جهود المصالحة تعرضت لـ”التسييس” من قبل قادة سياسيين سعوا إلى توظيفها لخدمة أجنداتهم، فيما جرى تهميش فئات رئيسية من العملية، أبرزها النساء والشباب والمجتمعات غير العربية وممثلو الضحايا والمجتمع المدني.
وجعل هذا الإقصاء الممنهج مسار المصالحة يبدو وكأنه عملية فوقية تديرها النخب من أعلى، بدلاً من أن تكون مبادرة مجتمعية تتأسس على العدالة والحقوق والاعتراف المتبادل بالمظالم.
وترى الأمم المتحدة أن غياب مقاربة شاملة وحقوقية للمصالحة فتح الباب أمام استمرار دوامة العنف والإفلات من العقاب، في وقت تشهد فيه البلاد تضييقًا على الفضاء المدني واعتقالات تعسفية طالت نشطاء وسياسيين، ما أضعف بيئة الحوار الوطني.
كما أشار التقرير إلى أن استخدام منصات التواصل الاجتماعي للتحريض وبث خطاب الكراهية عمّق الشرخ الاجتماعي، وحوّل الانقسامات السياسية إلى نزاعات مجتمعية تهدد السلم الأهلي.
وفي قراءة أعمق، يعكس هذا الواقع مأزق المشهد الليبي منذ 2011، إذ لم تنجح أي من المبادرات السابقة – سواء محلية أو دولية – في خلق مسار مصالحة حقيقي يعالج الجذور التاريخية للنزاع، بل اقتصرت أغلبها على ترتيبات ظرفية لتقاسم النفوذ والموارد.
واليوم، ومع استمرار الانقسام بين حكومتين وتعدد مراكز القرار العسكري والأمني، تبدو المصالحة رهينة موازين القوى لا مقتضيات العدالة الانتقالية.
وفي هذا السياق، يبرز المجلس الرئاسي الليبي بصفته الجهة المخولة رسمياً بملف المصالحة الوطنية، لكنه لم يحقق نتائج ملموسة حتى الآن، رغم مرور أكثر من عامين على إطلاق مبادرته الخاصة عبر “الهيئة العليا للمصلحة”.
فالمجلس واجه عراقيل متعددة، منها غياب الدعم التشريعي والمالي الكافي، وتداخل الصلاحيات مع مؤسسات أخرى، فضلًا عن اتهامات بتسييس الملف وإدارته بمنطق المحاصصة الجهوية لا على أساس وطني جامع.
كما أن المبادرات التي أعلن عنها الرئاسي، مثل مؤتمرات المصالحة المحلية، ظلت محدودة التأثير ولم تُترجم إلى آلية وطنية شاملة تتضمن معالجة للانتهاكات وجبر الضرر.
ويرى مراقبون أن ضعف أداء المجلس الرئاسي في هذا الملف سمح بفراغ سياسي استغلته الأطراف المتنافسة لإعادة صياغة خطاب المصالحة وفق مصالحها، بينما تراجع الاهتمام الدولي بضغط نحو مسار وطني جاد.
وهو ما يجعل الدعوة الأممية إلى عملية سياسية متجددة تقودها الأمم المتحدة بمثابة إنذار مبكر لاحتمال انزلاق البلاد نحو مرحلة جديدة من الانقسام المؤسساتي، إذا لم يتم تحييد ملف المصالحة عن الحسابات السياسية الضيقة.
ويرى مراقبون، أن إعادة المسار إلى سكّته تتطلب إعادة تعريف المصالحة بوصفها عملية مجتمعية تتجاوز التفاهمات السياسية إلى العدالة والمساءلة والاعتراف المتبادل.
ومع ذلك، فإن استمرار التوظيف السياسي لهذا الملف ينذر بأن الانقسام لن يتراجع قريباً، بل قد يزداد عمقاً ما لم تتوافر إرادة وطنية صادقة تضع المصالحة فوق الحسابات السلطوية.
في النهاية، يظل سؤال الأمم المتحدة مفتوحاً: كيف يمكن لبلد ممزق أن يلتئم جرحه إذا كانت المصالحة نفسها خاضعة لمنطق الانقسام؟
- مباحثات ليبية تونسية لبحث استئناف الرحلات الجوية بين البلدين
- منتخب ليبيا يختتم مشواره في تصفيات كأس العالم بملاقاة موريشيوس.. الليلة
- تسييس المصالحة في ليبيا.. إلى متى يستمر الانقسام؟
- طقس ليبيا اليوم.. أجواء معتدلة وتكاثر للسحب شمالاً والحرارة تصل لـ 34 درجة
- ليبيا.. إعادة تشغيل مصنع الإيثيلين برأس لانوف بعد توقف دام أشهر
- ليبيا وتركيا تبحثان معالجة التحديات أمام تنفيذ برامج التعاون المشترك
- غوتيريش يدعو القادة الليبيين لدعم خارطة الطريق الأممية وتجنب الجمود السياسي
- الحكومة الليبية المكلفة تبحث تأمين مراكز اقتراع انتخابات المجالس البلدية
- ديوان المحاسبة الليبي ومؤسسة النفط يبحثان أهداف التنمية المستدامة
- ليبيا.. التعرف على هوية 20 شخصا من ضحايا إعصار دانيال
- ليبيا.. وزير الاقتصاد يؤكد على ضبط إجراءات تجديد السجل التجاري للشركات
- دفعات جديدة من الكوابل تصل إلى مخازن شركة الكهرباء الليبية
- الفريق أول صدام حفتر يشارك في حفل تخريج الكليات العسكرية المصرية
- لجنة الأموال المجمدة تبحث مع دبلوماسيين بحرينيين وصينيين حماية الأصول الليبية
- طقس خريفي معتدل يسيطر على أجواء ليبيا واستقرار نسبي حتى نهاية الأسبوع