وثيقة مشبوهة من طرابلس.. خيط ليبي يقود ساركوزي إلى السجن

0
150

أعادت صحيفة لوفيغارو الفرنسية تسليط الضوء على واحدة من أكثر الوثائق إثارة للجدل في الملف الليبي – الفرنسي، وهي المذكرة المؤرخة في 10 ديسمبر 2006 والمنسوبة إلى جهاز الاستخبارات الخارجية الليبي بقيادة موسى كوسا.

وتحدثت الوثيقة عن “اتفاق مبدئي” لتمويل حملة نيكولا ساركوزي الرئاسية بمبلغ 50 مليون يورو، لكنها تواجه منذ سنوات شبهة التزوير.

وتضمنت الوثيقة، التي يفترض أنها وُجهت إلى بشير صالح رئيس مكتب معمر القذافي آنذاك، أسماء شخصيات فرنسية بارزة مثل بريس هورتفو وزياد تقي الدين، وأشارت إلى اجتماع سري بطرابلس.

غير أن علامات الارتباك البيروقراطي في صياغتها والأخطاء الإملائية وسوء جودة الترويسة دفعت محققين وقضاة إلى الشك في مصداقيتها، حتى أن موسى كوسا نفسه نفى لاحقًا صحتها قائلاً: “التوقيع ليس مزوراً، لكن الوثيقة مزورة”. 

وأعاد هذا الجدل الليبي – الفرنسي للواجهة الدور الملتبس الذي لعبته شبكة العلاقات بين باريس وطرابلس قبيل سقوط نظام القذافي. 

فالوثيقة التي نشرتها منصة “ميديابارت” في 2012 أشعلت القضية ووضعت ساركوزي في قلب عاصفة قضائية انتهت بالحكم عليه بالسجن خمس سنوات. 

ومع ذلك، ظلّ السؤال قائماً: هل الوثيقة دليل دامغ على التمويل الليبي، أم مجرد أداة سياسية مشبوهة استُخدمت لإسقاط رئيس سابق؟

وأشار القضاء الفرنسي إلى أن التحقيقات اعتمدت فقط على نسخة رقمية غير أصلية، مما جعل الاستدلال هشًا، بينما أكدت محكمة النقض في 2019 أن المذكرة ليست “تزويراً مادياً أو فكرياً” لكنها لم تمنحها صفة الحقيقة. 

وبينما يرى بعض الشهود، مثل مصطفى عبدالجليل رئيس المجلس الانتقالي الأسبق، أنها “مفبركة” ولا أثر لها في الأرشيف الليبي، يصر صحفيو “ميديابارت” على أن نشرهم كان مشروعاً وأن القضية كشفت عن صفقات مالية وسياسية غامضة بين باريس وطرابلس.

ومع تصاعد الأحداث داخل قاعة المحكمة الأسبوع الماضي، لم تتمالك كارلا بروني أعصابها ومزقت ميكروفون “ميديابارت” أمام الكاميرات، بينما واصل ساركوزي الدفاع عن براءته واتهام الوثيقة بأنها “مزورة”. 

لكن بين السطور، يبدو أن إرث ليبيا في زمن القذافي ما زال يلاحق فرنسا، وأن “وثيقة 2006” ستظل ورقة مشتعلة في لعبة السياسة والعدالة معاً.