هل يمهّد اعتماد 74 متجرًا إلكترونيًا الطريق لاقتصاد رقمي منظم في ليبيا؟

0
119

أعلنت وزارة الاقتصاد والتجارة في حكومة الوحدة الوطنية منح أذونات مزاولة النشاط لـ74 متجرًا إلكترونيًا في ليبيا، في خطوة قالت إنها تهدف إلى تنظيم السوق الإلكترونية وضمان ممارسة النشاط التجاري عبر الإنترنت بشكل قانوني ومنظم، بما يسهم في حماية حقوق المستهلك وتعزيز الثقة في التعاملات الرقمية.

ونشرت شبكة ليبيا للتجارة، وفقاً لتوجيهات وزير الاقتصاد محمد الحويج، القوائم الرسمية للمتاجر التي قامت بتسوية أوضاعها عبر نظام المتاجر الإلكترونية «أو إس آر».

ويرى خبراء في مجال التقنية أن التجارة الإلكترونية لم تعد خيارًا إضافيًا، بل تحولت إلى أسلوب حياة يتماشى مع الاقتصاد العالمي. وأوضحوا أن المواطن بات قادرًا على التسوق عبر التطبيقات والمواقع الإلكترونية بسهولة، وأن هذه الخطوة تسهم في إدخال النشاط الرقمي في الإطار الرسمي.

غير أن بعضهم يرى أن الرقم المعلن ـ 74 متجرًا فقط ـ لا يعكس حجم النشاط الحقيقي المتنامي منذ عام 2019، خاصة مع الطفرة التي حدثت أثناء جائحة كورونا، حيث ارتفعت نسبة المتسوقين من 10% إلى 30% بين 2019 و2023، وتوسع استخدام الإنترنت ليشمل أكثر من 6.5 مليون مستخدم.

لكن في المقابل، يحذر مختصون اقتصاديون من أن القرار قد يمثل عبئًا على صغار التجار ورواد الأعمال، خصوصًا الطلاب والخريجين الذين بدأوا مشاريعهم برؤوس أموال محدودة. واعتبروا أن فرض قيود جديدة قد يحد من نمو المبادرات الناشئة التي اعتمدت على الشحن والتوصيل وشراكات رقمية بسيطة لتأمين دخل ذاتي.

كما يشير محللون اقتصاديون إلى أن واقع التجارة الإلكترونية في ليبيا ما زال يواجه تحديات كبيرة، أبرزها ضعف البنية التحتية للاتصالات وعدم جاهزية المصارف لتشغيل منظومات الدفع الإلكتروني بشكل فعال، الأمر الذي ينعكس سلبًا على ثقة المستهلك. ويرون أن غياب التشريعات التفصيلية الخاصة بحماية المستهلك، وضعف الدور الرقابي لجهاز حماية المستهلك، يجعل من الصعب ضمان جودة المنتجات أو حق الاسترجاع، وهو ما قد يعرض المستهلكين لمخاطر الاحتيال والقرصنة الإلكترونية.

ويؤكد هؤلاء أن نجاح هذه الخطوة يتطلب تكاملًا بين وزارات الاقتصاد والمالية والتخطيط ومصرف ليبيا المركزي، إلى جانب جهات أمنية مختصة بالأمن السيبراني، باعتبار أن التجارة الإلكترونية لا تقتصر على البيع والشراء فقط، بل تشمل تحويل الأموال وحماية البيانات والتحقق من الهوية الرقمية. كما شددوا على ضرورة إطلاق برامج توعية وورش عمل لتأهيل المجتمع الليبي، الذي لا تزال شريحة واسعة منه غير مهيأة للتعامل مع هذا النوع من التجارة باستثناء الشباب.

وبين التفاؤل بمستقبل اقتصادي رقمي أكثر تنظيمًا، والمخاوف من تحديات البنية التحتية والفراغ التشريعي، يبقى قرار وزارة الاقتصاد بترخيص 74 متجرًا إلكترونيًا خطوة أولى تحتاج إلى خطوات مكملة لضمان نجاحها واستدامتها.