أكبر كارثة طبيعية عرفتها ليبيا.. الذكرى الثانية للعاصفة دانيال

0
98
تأثير إعصار دانيال في درنة
تأثير إعصار دانيال في درنة

تحل هذه الأيام الذكرى الثانية للعاصفة المتوسطية “دانيال” التي اجتاحت ليبيا في العاشر من سبتمبر 2023، لتسجل أسوأ كارثة طبيعية عرفتها البلاد على الإطلاق. فقد تسببت في مقتل الآلاف وتشريد عشرات الآلاف، وغيّرت وجه مدن بكاملها، وعلى رأسها درنة التي ابتلعتها السيول في ليلة مأساوية لن ينساها الليبيون.

بدأت العاصفة كمنخفض استوائي فوق شمال الأطلسي، وكان من المتوقع أن تضرب السواحل الفرنسية، لكنها غيّرت مسارها نحو شرق المتوسط لتصل إلى اليونان وتركيا وبلغاريا، مسببة خسائر بشرية ومادية، قبل أن تصل إلى ليبيا محمّلة بكميات غير مسبوقة من الأمطار. ومع انهيار سدي درنة في 11 سبتمبر، تدفقت فجأة أكثر من 20 مليون متر مكعب من المياه عبر وادي درنة، فاجتاحت المدينة، وجرفت أحياء بأكملها نحو البحر.

رغم أن السدين بُنيا في سبعينيات القرن الماضي، فإنهما لم يصمدا أمام قوة الفيضان بسبب الأضرار القديمة التي لحقت بهما منذ عاصفة 1986، وفشل محاولات ترميمهما رغم تخصيص أموال لذلك عامي 2012 و2013.

النتائج كانت كارثية: أكثر من 4 آلاف قتيل، نحو 8500 مفقود، وتشريد قرابة 45 ألف مواطن فقدوا منازلهم. وأفادت منظمة الهجرة الدولية أن المياه غمرت حوالي ربع مساحة مدينة درنة. أما الخسائر المادية فقدرت بحوالي 4.3 مليارات دولار شملت منازل وجسور وطرق ومدارس ومرافق حيوية.

لكن الكارثة لم تكن أرقاماً فقط، بل مآسي إنسانية تركت آثاراً عميقة في الذاكرة الجمعية لليبيين. أسر فقدت بكاملها، ناجون خرجوا من تحت الركام ليفقدوا أهلهم وأصدقاءهم، وأطفال كبروا على وقع الفقدان واليتم. وفي شهادات لعدد من أهالي درنة، وصفوا تلك الليلة بأنها “ساعة القيامة”، حين غمرت المياه الشوارع بسرعة هائلة وجرفت كل شيء في طريقها، تاركة وراءها صمتاً ثقيلاً يقطعه صراخ الناجين.

إعصار دانيال، الذي صُنّف كواحدة من أكبر الكوارث الطبيعية في شرق المتوسط، لم يكن مجرد حدث مناخي استثنائي، بل محطة فارقة عرّت هشاشة البنية التحتية الليبية وغياب خطط إدارة الأزمات. واليوم، تبقى الذكرى مؤلمة وشاهداً على حجم الخسائر البشرية والمادية، فيما تتطلع ليبيا إلى تجاوز هذه الجراح عبر إعادة الإعمار وتعزيز قدرتها على مواجهة الكوارث مستقبلاً.