ذكرى اغتيال السفير الأمريكي في بنغازي.. جريمة غيرت مسار ليبيا

0
141
السفير الأمريكي لدى ليبيا الراحل كريس ستيفنز
السفير الأمريكي لدى ليبيا الراحل كريس ستيفنز

في مثل هذا اليوم الـ11 من سبتمبر 2012، اهتزت مدينة بنغازي على وقع هجوم دموي استهدف القنصلية الأمريكية، وأسفر عن مقتل السفير كريستوفر ستيفنز وثلاثة من مرافقيه، لتتحول الحادثة إلى علامة فارقة كشفت عمق تغلغل الإرهاب في ليبيا بعد سقوط النظام عام 2011.

خلال تلك المرحلة، سيطرت جماعات متطرفة مثل أنصار الشريعة ومجلس شورى ثوار بنغازي وتنظيمي القاعدة وداعش على المدينة، وارتكبت سلسلة من الجرائم ضد المدنيين والنشطاء والمسؤولين، من اغتيالات وتفجيرات وعمليات اختطاف. لكن الهجوم على القنصلية الأمريكية كان الأشد وقعاً، بعدما تورط فيه قادة بارزون، بينهم أحمد بوختالة، ومختار بلمختار، ومحمد الزهاوي.

وكانت العملية بدأت باجتماع سري عقد في منطقة الصابري ضم قيادات إرهابية من بينها بوختالة وسفيان بن قمو، ناقش تنفيذ عملية تستهدف المصالح الأمريكية، وتم اختيار القنصلية في بنغازي تزامناً مع ذكرى 11 سبتمبر. وكان الهدف خطف السفير ستيفنز لمبادلته مع أحد قيادات القاعدة المعتقلين في غوانتنامو، لكن العملية انتهت بمقتله بعد قصف المبنى بقذائف “آر بي جي”.

الهجوم نُفذ عبر أربع مجموعات مسلحة، قاد إحداها أحمد بوختالة بصفته آمر كتيبة أبو عبيدة، فيما قاد محمد الزهاوي مجموعة أنصار الشريعة، وتولت مجموعة أخرى مرتبطة بمختار بلمختار جانباً من العملية. وقد استغل المهاجمون موجة الاحتجاجات على الرسوم المسيئة للرسول لحشد المتظاهرين والتغطية على تحركهم نحو القنصلية.

الولايات المتحدة وجهت أصابع الاتهام مباشرة إلى بوختالة، واعتقلته قواتها الخاصة في بنغازي عام 2014، حيث نقل إلى واشنطن وصدر بحقه حكم بالسجن 22 عاماً. كما اعتقلت في عملية أخرى القيادي مصطفى الإمام لدوره المفترض في الهجوم.

هذه الحادثة شكلت منعطفاً حاسماً في الحرب على الإرهاب داخل ليبيا. فبعد عامين فقط، أطلق الجيش الوطني عملية الكرامة التي أنهت سيطرة الجماعات المتطرفة على شرق البلاد، وفتحت الباب أمام مرحلة جديدة من الاستقرار في مدن الشرق. لكن كثيراً من فلول تلك التنظيمات هربت إلى الغرب الليبي، حيث وجدت غطاءً سياسياً وعسكرياً مكّنها من البقاء ضمن المشهد، ما أبقى خطرها قائماً على الأمن والعملية السياسية.

وبعد أكثر من عقد، ما زالت ذكرى اغتيال السفير الأمريكي في بنغازي حاضرة كواحدة من أكثر الجرائم دلالة على فوضى تلك المرحلة، وشاهداً على الثمن الباهظ الذي دفعته ليبيا في مواجهة الإرهاب.