مدن ليبيا في عتمة مستمرة.. هل تبقى أزمة الكهرباء بلا حلول؟

0
157
أزمة الكهرباء في ليبيا
أزمة الكهرباء في ليبيا

تعيش مختلف المدن الليبية منذ أكثر من شهرين أزمة متفاقمة في التيار الكهربائي، حيث تصل ساعات انقطاع الخدمة في بعض المناطق إلى 12 ساعة يومياً. 

هذه الانقطاعات التي تأتي في شكل تخفيف أحمال مطوّل، ألقت بظلالها الثقيلة على الحياة اليومية للمواطنين وأثّرت على الدورة الاقتصادية، لتصبح الكهرباء واحدة من أبرز الأزمات المزمنة التي تواجه ليبيا. 

وتتمثل الشكوى الأوسع انتشاراً بين الليبيين في غياب التفسير الرسمي من الشركة العامة للكهرباء أو الجهات الحكومية حول أسباب الانقطاع المتكرر، ما يضاعف شعور المواطنين بالقلق والإحباط. 

وفي ظل استمرار انقطاع الكهرباء بشكل متواصل، تحولت المشكلة إلى أزمة معيشية تمس تفاصيل الحياة اليومية، بدءً من تشغيل الأجهزة المنزلية وصولًا إلى خسائر الفلاحين الذين يعتمدون على ضخ المياه لري محاصيلهم. 

وتبرز حدة الأزمة بشكل خاص في المناطق الجنوبية، حيث تجاوزت ساعات الانقطاع في بعض المدن حاجز 12 ساعة متواصلة، ما أدى إلى خسائر مباشرة في الزراعة والإنتاج الحيواني، فضلاً عن تعطّل الخدمات الأساسية الأخرى.

أما في مدن الشمال والغرب، فإن الانقطاع يتراوح بين سبع إلى عشر ساعات يومياً، ما يعكس عجز المنظومة الكهربائية عن تلبية الطلب المتزايد على الطاقة. 

واليوم، أعلنت وزارة الكهرباء والطاقات المتجددة في الحكومة المكلفة من مجلس النواب، اليوم الثلاثاء، اعتماد خطة عاجلة لإعادة تأهيل الشبكة الكهربائية في منطقة الفعكات بمدينة بنغازي.

وبحسب بيان وزارة الكهرباء، يأتي ذلك بدعم مباشر من صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا وبإشراف لجنة الطوارئ بالوزارة، بهدف تحسين الخدمة وضمان استقرار التيار بشكل دائم.

وأعقب الزيارة اجتماع طارئ خُصّص لوضع خطة تنفيذية عاجلة لإعادة تأهيل الشبكة، حيث أُقرَّت خطة شاملة بدعم مباشر من صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا، وبإشراف ميداني من لجنة الطوارئ لضمان التنفيذ السريع والجودة في العمل.

وأكدت وزارة الكهرباء أن هذا التدخل يمثل بداية لمعالجة أوسع تشمل مناطق أخرى تعاني من نفس الأزمة، وأن الحلول ستكون مستدامة وتراعي تحسين مستوى الخدمة على المدى الطويل.

وقبل أسبوع، كشف تقرير لوكالة بلومبرغ الأمريكية، عن مقترح للمؤسسة الوطنية للنفط الليبية بشأن إعادة إحياء مشروع ضخم لإنتاج الغاز الطبيعي كحل للتخفيف من أزمة انقطاع التيار الكهربائي التي تعاني منها ليبيا، وذلك بالتعاون مع شركة الخليج العربي للنفط (أجوكو) العاملة في شرق ليبيا.

وفي سياق متصل، يمكن النظر إلى أزمة الكهرباء في ليبيا باعتبارها انعكاساً لمشاكل هيكلية عميقة تراكمت عبر سنوات، تشمل ضعف الاستثمارات في البنية التحتية، وتآكل المحطات القديمة، وغياب خطط واضحة لصيانة الشبكات وتطويرها، وهي تحديات تتزامن مع سوء إدارة الموارد المالية والبشرية، فضلاً عن غياب التنسيق بين المؤسسات المعنية.

وعلى الرغم من الوعود الحكومية المتكررة بإيجاد حلول عاجلة، فإن غياب النتائج الملموسة يجعل المواطنين في مواجهة الأزمة بشكل يومي، دون أفق واضح لانتهائها، كما أن عدم توافر بدائل عملية لتخفيف الأعباء، مثل توفير الطاقة البديلة أو تحسين كفاءة التوزيع، يزيد من تفاقم الوضع.

وتطرح الأزمة الحالية سؤالاً جوهرياً حول مستقبل قطاع الكهرباء في ليبيا: هل تبقى الأزمة حالة مزمنة ملازمة للحياة اليومية، أم يمكن تحويلها إلى فرصة لإطلاق إصلاحات جذرية تضمن بناء قطاع طاقة مستدام يواكب احتياجات المواطنين ويؤسس لتنمية اقتصادية مستقرة؟