غرب ليبيا على فوهة بركان.. هل تجهض الميليشيات خارطة الطريق الأممية الجديدة؟

0
159

تعيش مدن الغرب الليبي، وعلى رأسها العاصمة طرابلس، حالة من التوتر غير المسبوق مع تصاعد التحشيدات المسلحة والاشتباكات بين الميليشيات، في وقت أعلنت فيه الأمم المتحدة عن خارطة طريق جديدة لإنهاء الانقسام السياسي وتوحيد المؤسسات وإجراء الانتخابات الوطنية.

وبينما يرى مراقبون أن الخطة الأممية قد تكون فرصة أخيرة لإنقاذ المسار السياسي، فإن تحركات المجموعات المسلحة تثير تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الأطراف ستسمح بمرور الخطة أم ستعمل على إفشالها.

وأكدت مصادر أمنية أن قوة فضّ النزاع المكلفة بحماية العاصمة والفصل بين المجموعات المتصارعة تعرضت لهجوم من ميليشيات قادمة من مصراتة موالية لحكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية. وجاء ذلك بالتزامن مع انتشار واسع للقوة في مناطق حساسة مثل جزيرة الفرناج وجزيرة القدس، بعد تحشيدات ضخمة في منطقة السبعة جنوب شرقي طرابلس، محملة بأسلحة متوسطة ومدافع وراجمات، بهدف الضغط على ميليشيا الردع للسيطرة على مواقع استراتيجية، أبرزها مطار معيتيقة.

كما تعرض مركز شرطة حي الأندلس لإطلاق نار من مجموعة مسلحة، فيما خرجت مظاهرات شعبية عفوية خلال الأيام الماضية ضد سطوة الميليشيات والانتهاكات المتكررة من خطف وقتل، مطالبة بإنهاء نفوذ التشكيلات المسلحة وضمان توزيع عادل للثروة.

في المقابل، عقدت شخصيات اجتماعية وأعيان من مصراتة اجتماعًا موسعًا لرفض أي عودة للحرب في طرابلس، داعين إلى تغليب الحوار وحماية النسيج الاجتماعي. كما أجروا اتصالات مع آمر الكتيبة 166 محمد الحصان لدعم جهود قوة فض النزاع، مؤكدين أن إشعال مواجهة جديدة في العاصمة قد يكون “الخيار الأخير” الذي يلجأ إليه رئيس الحكومة المنتهية ولايتها عبد الحميد الدبيبة لمقاومة مسار التغيير السياسي.

ويرى مراقبون أن هذه التحركات المسلحة تمثل رسالة سياسية موجهة للمجتمع الدولي، خاصة وأنها تتزامن مع الإعلان الأممي عن خارطة طريق جديدة. هشام بن يوسف، منسق المجلس الاجتماعي في سوق الجمعة، اعتبر أن التصعيد العسكري محاولة واضحة لتعطيل تنفيذ الخطة الأممية، مشددًا على أن الشارع في طرابلس يرفض العودة للحرب ويدعم تشكيل حكومة جديدة موحدة.

وبالتوازي مع طرابلس، شهدت مدينة الزاوية فجر الخميس اشتباكات عنيفة في منطقة قمودة بين مجموعات مسلحة متنافسة، استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة وأسفرت عن مقتل شخصين، في مؤشر آخر على هشاشة الوضع الأمني غرب ليبيا.

الخطة الأممية التي كشفت عنها مبعوثة الأمم المتحدة هانا تيتيه أمام مجلس الأمن الأسبوع الماضي، تقوم على ثلاث ركائز أساسية: أولها وضع إطار انتخابي فني وسياسي متوافق عليه يقود إلى انتخابات رئاسية وتشريعية، وثانيها تشكيل حكومة جديدة موحدة قادرة على توحيد المؤسسات، وثالثها إطلاق حوار وطني واسع يسمح بمشاركة مختلف الأطراف الليبية لمناقشة القضايا الجوهرية وتعزيز الحوكمة.

لكن التطورات الميدانية الجارية في طرابلس والزاوية تطرح تساؤلات حول قدرة المجتمع الدولي على فرض تنفيذ هذه الخارطة في ظل تمسك بعض الميليشيات بخيارات السلاح، واستخدامها كأداة ضغط سياسي لتعطيل أي عملية انتقالية لا تخدم مصالحها.