تعرّضت العملية الانتخابية في ليبيا لانتكاسة جديدة بعد سلسلة من الاعتداءات التي استهدفت مقرات المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في مدن غرب البلاد خلال الأيام الأخيرة. ففي 12 أغسطس، هاجم مسلحون مكتب المفوضية في زليتن، قبل أن تتكرر الاعتداءات في 15 أغسطس على مكتبها في الساحل الغربي والزاوية، حيث أدى الهجوم إلى إحراق المبنى الرئيسي ومخزن المواد الانتخابية وقاعة التدريب الخاصة بتأهيل الكوادر.
المفوضية أدانت هذه الاعتداءات ووصفتها بـ”الأفعال الإجرامية” التي تهدد حق الليبيين في اختيار ممثليهم، مؤكدة أنها ماضية في استكمال العملية الانتخابية رغم العراقيل. كما طالبت الجهات الأمنية بتحمل مسؤولياتها في ملاحقة المعتدين وحماية مقراتها وموظفيها في كافة أنحاء البلاد.
البعثة الأممية بدورها ندّدت بشدة بهذه الهجمات التي وصفتها بمحاولة سافرة لحرمان المواطنين من حقوقهم السياسية، معتبرة أنها تهدد العملية الديمقراطية برمتها، خاصة أنها وقعت عشية يوم الاقتراع. وشددت على ضرورة محاسبة المسؤولين عنها وضمان أمن العملية الانتخابية.
أما المجلس الأعلى للدولة فقد طالب باتخاذ إجراءات صارمة ضد المتورطين، واعتبر أن استهداف المفوضية يمثل اعتداء مباشراً على إرادة الليبيين، داعياً لتأمين جميع فروعها حتى تُستكمل الانتخابات البلدية في أجواء آمنة.
وفي موقف رسمي، أكدت وزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة جاهزيتها لمواصلة خطط تأمين الانتخابات، محذّرة من “أعمال تخريب تقودها أطراف سياسية لا ترغب في التغيير”. وشددت على أن هذه الأعمال لن تثني الأجهزة الأمنية عن استكمال الاستحقاق الانتخابي في موعده المحدد، مؤكدة استمرار مديريات الأمن في عملها الميداني لتأمين مكاتب المفوضية والناخبين.
لكن منظمات وحقوقيين أبدوا شكوكاً في قدرة السلطات الأمنية على حماية العملية. إذ قال رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا، عبد المنعم الحر، إن الاعتداءات الأخيرة “مؤشر سلبي على المسار الديمقراطي ودليل على عجز وزارة الداخلية عن تأمين الانتخابات”، داعياً إلى تحديد الأطراف المسؤولة عن الهجمات بحذر ومن دون تسييس.
وفي السياق ذاته، وصف الناشط الحقوقي أحمد حمزة الاعتداءات بأنها “عمل إجرامي جبان يهدف لتعطيل العملية الانتخابية ومصادرة إرادة الناخبين”، محمّلاً وزارة الداخلية مسؤولية الفشل في تأمين المكاتب. ودعا إلى تحقيق شامل ومحاسبة المتورطين، مؤكداً أن “الهجوم على المفوضية هو اعتداء مباشر على مسار الديمقراطية والإرادة الشعبية”.
وبينما تتعالى الإدانات، يطرح الشارع الليبي تساؤلات ملحة: لمصلحة من تُستهدف المفوضية في هذا التوقيت؟ وهل الهدف هو تعطيل الانتخابات البلدية وإبقاء حالة الجمود السياسي مسيطرة على المشهد؟ مراقبون يرون أن هذه الاعتداءات ليست مجرد أعمال تخريبية معزولة، بل قد ترتبط بمحاولات أوسع لعرقلة المسار الديمقراطي، خاصة مع اقتراب إعلان خارطة الطريق الأممية الجديدة.
- هجمات على مقرات المفوضية بغرب ليبيا.. لمصلحة من تعرقل الانتخابات البلدية؟
- حبس رئيس وحدة التحقيق بمركز شرطة ترهونة و3 آخرين لتورطهم بجرائم قتل
- مجلس الدولة الليبي يطالب بإجراءات صارمة ضد المعتدين على مقري مفوضية الانتخابات
- ليبيا.. البعثة الأممية تدين الاعتداءات على مكاتب مفوضية الانتخابات وتطالب بمحاسبة الجناة
- جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في ليبيا يرحّل 274 مصرياً عبر منفذ امساعد