في بلد تتداخل فيه الحسابات المالية مع التوترات السياسية، كشف مصرف ليبيا المركزي عن بياناته للأشهر السبعة الأولى من عام 2025، لتضع أمام المراقبين مشهداً اقتصادياً شديد التعقيد، حيث تتقدم المؤشرات المحلية بخطوات محسوبة، بينما يرزح ميزان النقد الأجنبي تحت ضغط عجز مزمن، في وقت تبقى فيه القرارات المالية مرآة للانقسام السياسي المستمر.
المركزي أعلن أنه ضخ 72.5 مليار دينار في فروع المصارف التجارية بجميع المدن، في خطوة لاحتواء أي شح محتمل في السيولة، فيما تجاوزت قيمة الصكوك المنفذة عبر نظام المقاصة الإلكترونية 87.4 مليار دينار من خلال 1.78 مليون معاملة على امتداد 712 فرعًا ومركز مقاصة.
وعلى الأرض، يشير توسع استخدام الأدوات المالية الرقمية إلى حراك مصرفي يتجاوز الجمود السياسي، حيث ارتفع عدد المحافظ الإلكترونية إلى 183,537 محفظة بإجمالي تداولات بلغت 60.2 مليون دينار، وقفز عدد نقاط البيع إلى 112,167 نقطة مقارنة بـ 76,356 نقطة في العام السابق، فيما نفذت البطاقات المصرفية المفعلة أكثر من 101 مليون عملية عبر الصرافات الآلية بإجمالي 7.5 مليار دينار.
لكن خلف هذه الأرقام، تتوزع الموارد والنفقات بين مؤسسات الدولة التي تعكس بدورها ملامح المشهد السياسي، فقد خصص المركزي 2.67 مليار دينار للمؤسسات التشريعية والتنفيذية والجهات التابعة لها، منها 1.55 مليار دينار لحكومة الوحدة الوطنية، و343 مليون دينار للمجلس الرئاسي، و660 مليون دينار لمجلس النواب، بينما اقتصرت مخصصات المجلس الأعلى للدولة على 22.4 مليون دينار.
ومع بلوغ الإنفاق العام 66.1 مليار دينار مقابل إيرادات كلية قدرها 73.5 مليار دينار، يبقى الفائض المحلي محدود التأثير في ظل فجوة النقد الأجنبي.
وهنا يتبدى التحدي الأكبر، إذ أظهرت البيانات استمرار العجز في استخدامات النقد الأجنبي عند 5.2 مليار دولار، وهو المستوى نفسه المسجل في نهاية يونيو، ورغم أن الإيرادات النفطية والإتاوات بلغت 13.9 مليار دولار، فإن الالتزامات الكلية بالنقد الأجنبي صعدت إلى 19.1 مليار دولار، ما يعكس اختلالاً بنيوياً في الميزان الخارجي.
وقد توزعت هذه الاستخدامات بين إنفاق مباشر من المصرف المركزي بلغ 3.75 مليار دولار، شمل رواتب العاملين بالخارج، ودعم المؤسسة الوطنية للنفط، وتمويل الشركة العامة للكهرباء، إضافة إلى تغطية فواتير المحروقات والإمداد الطبي والمنح الدراسية والعلاج بالخارج.
أما المصارف التجارية، فقد أنفقت 15.33 مليار دولار، بينها 8.8 مليار للاعتمادات المستندية، وأكثر من 6.17 مليار للأغراض الشخصية، إضافة إلى الحوالات وبطاقات صغار التجار.
ولا يمكن فصل هذه الصورة المزدوجة، التي تجمع بين وفرة الدينار وضغط الدولار، عن السياق السياسي، فالتباين في مخصصات المؤسسات يعكس حجم الانقسام في مراكز القرار، بينما يظل الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للعملة الصعبة عامل هشاشة أمام أي اضطراب في الأسواق أو الإنتاج.
وكان قرار خفض رسم بيع النقد الأجنبي من 27% إلى 20% في أكتوبر 2024 محاولة لتهدئة السوق وتحريك عجلة النشاط الاقتصادي، لكنه في الوقت نفسه يضع المركزي أمام اختبار صعب للحفاظ على استقرار العملة وضمان تدفق النقد الأجنبي في ظل غياب تسوية سياسية شاملة.
في المحصلة، يبدو أن الاقتصاد الليبي في 2025 يسير على حافة توازن حساس، حيث تحاول المؤشرات المالية الإيجابية محليًا تعويض الضغط المتزايد خارجياً، في وقت يظل فيه الاستقرار الاقتصادي رهينة لملف سياسي لم يحسم بعد.
- مجلسا النواب والدولة يتفقان على إعادة تشكيل مفوضية الانتخابات الليبية
- مباحثات مصرية جزائرية لدعم مسار الحل السياسي في ليبيا
- سفير الاتحاد الأوروبي: “إيريني” ستواصل تعزيز قدرات البحرية الليبية
- وثيقة مشبوهة من طرابلس.. خيط ليبي يقود ساركوزي إلى السجن
- ليبيا.. لا إصابات بمرض الكوليرا بمدينة الكفرة
- مصر تجدد تمسكها بالحل الليبي وتطالب بخروج المرتزقة لعودة الاستقرار
- مؤسسة النفط الليبية توقع اتفاقاً مع المعهد الفرنسي للبترول لاستئناف برامج التدريب
- المنفي يشارك في حفل استقبال رسمي بدعوة من الرئيس الأمريكي
- الاتحاد الأوروبي يؤكد مواصلة دعم تدريب البحرية الليبية ضمن عملية إيريني
- ليبيا.. تكاثر للسحب وسقوط أمطار متفرقة على غالبية المناطق
- مصلحة الجمارك الليبية تعلن إحباط محاولة تهريب 250 ألف يورو بمطار معيتيقة
- ليبيا.. ميناء طرابلس يستقبل 276 طردا لاستكمال مشروعات الكهرباء
- هل يمهّد اعتماد 74 متجرًا إلكترونيًا الطريق لاقتصاد رقمي منظم في ليبيا؟
- الباعور أمام وزراء خارجية التعاون الإسلامي: ليبيا تدعم فلسطين وتدين الاعتداءات الإسرائيلية
- مؤسسة النفط الليبية تستأنف التعاون التدريبي مع المعهد الفرنسي للبترول