تحديث الجذور.. حفتر يطلق “رؤية 2030” امتدادًا لـ85 عاماً من إرث الجيش الليبي

0
155

في احتفال الذكرى الخامسة والثمانين لتأسيس الجيش الليبي، أعلن القائد العام للقوات المسلحة، المشير خليفة حفتر، إطلاق “رؤية 2030” لتحديث القوات المسلحة، في خطوة تستهدف بناء جيش متطور قادر على مواجهة التحديات الإقليمية والدولية وحماية الأمن الوطني.

الرؤية الجديدة تأتي كحلقة حديثة في سلسلة تاريخية بدأت منذ “9 أغسطس 1940″، حين أسس الأمير إدريس السنوسي الجيش السنوسي لمواجهة الاستعمار الإيطالي، متخذًا من المهاجرين الليبيين في مصر نواةً لقوة وطنية حملت راية القتال من أجل التحرير. 

وبعد الاستقلال في 1951، واصل الجيش بناء كوادره، مُؤسسًا الكليات والمدارس العسكرية، وموسعاً أسلحته البحرية والجوية والدفاع الجوي، رغم محدودية الموارد.

على مدى العقود، ظل الجيش صمام أمان البلاد، مشاركًا في معارك السيادة والدفاع عن الأرض، وصولاً إلى “عملية الكرامة” (2014–2019) التي حررت بنغازي والشرق الليبي من الجماعات المتطرفة، واستعادت السيطرة على الهلال النفطي والجنوب، قبل أن يواجه تدخلات دولية منعت حسم المعركة في طرابلس.

اليوم، ومع إطلاق “رؤية 2030″، يؤكد حفتر أن الجيش الليبي ماضٍ في مسار تحديث شامل يعزز الانضباط، ويرفع مستوى الجاهزية، ويوفر التدريب المتواصل، ليبقى الجيش وفيًا لعقيدته القائمة على الولاء لله والوطن، وحاميًا لإرادة الشعب الليبي.

هكذا، يربط المشير بين ماضي الجيش العريق وحاضره، مُحيلًا إرث 85 عامًا من التضحيات إلى مشروع مستقبلي يضمن استمرار المؤسسة العسكرية كركيزة وحدة ليبيا ودرعها الحامي.

تحل هذا العام الذكرى الخامسة والثمانون لتأسيس الجيش الليبي، وهي محطة تستحضر بداياته في مواجهة الاستعمار الإيطالي خلال الحرب العالمية الثانية. 

ففي 20 أكتوبر 1939، دعا الأمير إدريس السنوسي القادة والزعماء الليبيين المقيمين بمصر لاجتماع في الإسكندرية استمر ثلاثة أيام، وانتهى بتفويضه للتفاوض مع الحكومة البريطانية لتأسيس جيش يشارك في تحرير ليبيا.

وفي 9 أغسطس 1940، أعلن بالقاهرة عن تشكيل “الجيش السنوسي”، الذي اتخذ لاحقاً اسم الجيش الليبي، وبدأت نواته الأولى من معسكر تدريب للمهاجرين الليبيين في إمبابة المصرية، تحت راية قتالية سوداء يتوسطها الهلال والنجمة.

بعد انتهاء الحرب، لعب الجيش دوراً محورياً في إعداد الكوادر الإدارية لبلد خرج مثقلاً بفقر مدقع ونقص شديد في الخبرات، وتحوّلت بعض وحداته إلى قوة دفاع برقة، التي شكّلت مع كتائب التحرير النواة الحقيقية للجيش الوطني الحديث. 

ومع الاستقلال في 24 ديسمبر 1951، شرعت الدولة في إرسال البعثات العسكرية للخارج، وإنشاء المدارس والكليات العسكرية، رغم محدودية الموارد، لتطوير أسلحة المشاة والمدفعية والهندسة الميدانية، قبل أن يتشكل السلاح البحري (1962)، ثم السلاح الجوي (1963)، فالدفاع الجوي (1968).

وعلى مدار العقود، خاض الجيش الليبي معارك الحفاظ على السيادة، وكان في طليعة الحرب على الإرهاب عبر “عملية الكرامة” التي انطلقت من الشرق الليبي، محررة بنغازي في يوليو 2017، ومؤمنة الهلال النفطي والجنوب، قبل أن تعيق التدخلات الخارجية حسم معركة طرابلس، لتبقى بعض مناطق الغرب تحت سيطرة الميليشيات والفوضى الأمنية.

هذا الإرث الممتد من معارك التحرير إلى حروب تثبيت الدولة، هو ما يضع رؤية 2030 التي أطلقها المشير حفتر في سياقها الطبيعي، باعتبارها امتداداً لخط تاريخي يرى الجيش كركيزة وحدة ليبيا ودرعها الحامي في مواجهة التهديدات الداخلية والخارجية.