بعد أيام من انتخاب محمد تكالة رئيسًا للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا، تتزايد التساؤلات حول مستقبل المجلس في العملية السياسية، وسط انقسام داخلي حاد، وطعون قانونية، واتهامات بتدخلات خارجية، وعلى رأسها موقف بعثة الأمم المتحدة.
خالد المشري، الرئيس السابق للمجلس، أعلن صراحة عزمه الطعن على شرعية الجلسة التي انتُخب فيها تكالة، مؤكدًا خلال لقائه مع سفير الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، نيكولا أورلاندو، أنه بدأ بالفعل اتخاذ الإجراءات القانونية أمام القضاء الليبي، للطعن في “شرعية انتخاب مكتب الرئاسة الجديد”، معتبرًا أن استمرار الوضع الحالي يخدم أطرافًا لا ترغب في إنهاء الأزمة السياسية في البلاد.
المشري لم يخفِ استغرابه من موقف البعثة الأممية التي رحّبت بنتائج الجلسة، وذكّر بأنها كانت قد عبّرت في السابق عن قناعتها بحكم المحكمة العليا الذي أقر بشرعية رئاسته، مشيرًا إلى أن البعثة لا تزال تفتقر إلى رؤية واضحة لإنهاء الانسداد السياسي، وأن خارطة الطريق الأممية الحالية لا تتضمن ضمانات كافية أو آليات فعّالة لدعم المسار الانتخابي.
في المقابل، تلقى محمد تكالة دعمًا واضحًا من البعثة الأممية، التي أكدت أن جلسة انتخابه حضرها 95 عضوًا من أصل 135، وأنها جرت في ظروف “طبيعية وشفافة”، داعية إلى توسيع دائرة التوافق الداخلي داخل المجلس ودمج الأطراف غير المشاركة. كما هنأه سفير الاتحاد الأوروبي، واصفًا الخطوة بأنها “أساسية لتعزيز فعالية النظام المؤسسي الليبي”.
رغم ذلك، لا تزال المعارضة داخل المجلس قائمة. ويخشى مراقبون من أن الطعون القانونية التي يقودها تيار المشري تعيد إنتاج الانقسام السابق وتُضعف قدرة المجلس على أداء دوره في المسار السياسي، لا سيما في ظل التحديات المرتبطة بتشكيل حكومة موحدة والإعداد للانتخابات.
ويُعبّر المحلل السياسي الليبي، كامل المرعاش، عن قلقه من مسار الأحداث، مؤكدًا أن البعثة الأممية أصبحت، حسب وصفه، طرفًا منحازًا داخل الصراع السياسي. واتهمها بتقديم دعم مباشر لجناح موالٍ لحكومة عبد الحميد الدبيبة، واعتبر تهنئتها لتكالة “ضربة لأي أمل في إجراء انتخابات”.
من جانبه، رأى النائب بالبرلمان علي الصول أن المجلس الأعلى للدولة، حتى في ظل تركيبته الجديدة، ليس مخولًا بمنح الثقة لحكومة جديدة، مؤكدًا أن دوره يقتصر على تقديم التزكيات فقط. واتهم حكومة الدبيبة بالتدخل لضمان حضور واسع في جلسة انتخاب المكتب الرئاسي، بهدف إفشال أي تفاهم محتمل بين المشري وبين رئيس مجلس النواب عقيلة صالح لتشكيل حكومة بديلة.
في المقابل، دعا عضو المجلس الأعلى للدولة، منصور الحصادي، إلى إنهاء الانقسام وتغليب المصلحة الوطنية، معتبرًا أن المجلس يقف الآن أمام خيارين: إما المشاركة بفعالية في العملية السياسية والتوافق مع مجلس النواب، أو الاستمرار في حالة الجمود والشلل.
وتُجمع تقديرات مراقبين على أن استمرار النزاع القانوني والسياسي داخل المجلس الأعلى للدولة يُهدد بانهيار ما تبقى من التفاهمات مع مجلس النواب، ويضع العملية السياسية برمتها على المحك، في وقت تُحضّر فيه البعثة الأممية لإعلان خارطة طريق سياسية جديدة أمام مجلس الأمن.
ويبقى السؤال مطروحًا: هل يتمكن المجلس الأعلى للدولة من تجاوز خلافاته الداخلية واستعادة دوره في التوافق السياسي؟ أم سيبقى رهينة للصراع بين قياداته، ويُفرّغ من دوره كمكون أساسي في أي تسوية مقبلة؟
- ليبيا.. إحباط تهريب 253 جالونا من الوقود في أجدابيا
- رئيس البرلمان الليبي يدعو النواب إلى جلسة لمناقشة قانون الميزانية الإثنين المقبل
- هل يواصل مجلس الدولة مشاركته في العملية السياسية الليبية أم يظل رهينة للخلافات؟
- مستشار ترامب يبحث مع وزير الخارجية المصري حل الأزمة الليبية
- ميلوني: أكدت في اجتماعي مع الدبيبة وأردوغان التزام إيطاليا بدعم استقرار ليبيا