جولة عنف جديدة في غرب ليبيا.. مقتل “اللفع” يضع “ورشفانة” على فوهة بركان

0
236

تشهد منطقة ورشفانة تصعيداً لافتاً في التوترات الأمنية بعد مقتل القيادي المسلح رمزي اللفع، صباح اليوم الإثنين، في اشتباك دموي وقع بين أفراد من عائلتي اللفع والهدوي بمنطقة أولاد عيسى. 

وأسفر الحادث عن مقتل ستة أشخاص، بينهم رمزي وثلاثة من أقاربه، في مشهد يُعيد تسليط الضوء على الهشاشة الأمنية، وترابط الصراعات العائلية مع الصراعات المسلحة في الغرب الليبي.

وتتجاوز دلالات الحادثة الطابع العائلي، إذ يُعد رمزي اللفع أحد أبرز القادة المحليين المرتبطين بتوازنات القوة داخل طرابلس وحزامها الجنوبي، فقد سبق له أن شارك في العملية الأمنية التي أطلقها رئيس حكومة الوحدة عبدالحميد الدبيبة، من خلال تشكيلات مسلحة ضد جهاز الدعم والاستقرار في مايو 2025، أسفرت عن مقتل قائده عبدالغني الككلي “غنيوة”، ما عزز من مكانة “اللفع” ضمن فئة الفاعلين المسلحين الذين يضطلعون بأدوار مزدوجة في ضبط الأمن والتسبب في اختلاله.

وسريعاً، أعلنت وزارة الداخلية بحكومة الوحدة، عن عقد اجتماع أمني طارئ ضم مدير أمن الجفارة، وآمر الكتيبة 55، ورئيس المجلس الاجتماعي لورشفانة، إلى جانب رؤساء فروع الأمن الداخلي والمخابرات والأمن القومي والحرس البلدي. 

وتركزت مخرجات الاجتماع على تكثيف التمركزات الأمنية وتنسيق الجهود بين مختلف الأجهزة، في محاولة لاحتواء التوتر المتصاعد ومنع تمدده إلى مناطق أوسع.

لكن على الأرض، ترتسم معالم تحولات ميدانية جديدة على الأرض، مع انتشار نقاط تفتيش جديدة عند بوابة السهلة، وتواتر أنباء عن دخول قوة عسكرية من خارج ورشفانة إلى المناطق التي كانت تخضع لسيطرة “اللفع”، مثل أولاد عيسى والهناشير والسواني. 

وتعكس هذه التحركات سعي أطراف محلية أو مدعومة خارجياً لإعادة ترسيم خريطة السيطرة، مستفيدة من فراغ القوة الذي خلّفه غياب “اللفع” عن المشهد.

ويتقاطع هذا المشهد مع إرث من التوتر بين مجموعة اللفع والكتيبة 55 التابعة لمعمر الضاوي، والتي تعد الأكثر نفوذاً في ورشفانة، فقد شهدت العلاقة بين الطرفين سلسلة من المواجهات العنيفة، أبرزها في سبتمبر 2022 عندما اندلعت اشتباكات بمنطقة غوط أبو سابق، وفي يناير 2023 عندما تعرّض منزل اللفع لهجوم مسلح نُسب حينها إلى الكتيبة 55، وأسفر عن إصابات بين المدنيين والوافدين، ورغم نفي معمر الضاوي مسؤوليته عن تلك الحوادث، إلا أن تصاعد الاحتكاك الميداني آنذاك مهّد لسقوط التهدئة غير المعلنة بين الطرفين.

وتفتح حادثة مقتل رمزي اللفع الباب أمام تساؤلات حول مصير التوازن الأمني في ورشفانة، إذ أن غيابه قد يؤدي إلى أحد مسارين متناقضين: إما إعادة انتشار سريعة لصالح خصومه السابقين، أو انبعاث نمط جديد من المواجهات الانتقامية بين الفصائل المسلحة والعائلات المتداخلة معها، لكن في المحصلة تظل الهشاشة الأمنقة هي السمة البارزة في مدن غرب ليبيا في ظل سيطرة الميليشيات المسلحة وغياب أجهزة الدولة. 

وأعلنت وزارة الداخلية عن تحركات بفتح محضر تحقيق في الواقعة عبر مركز شرطة السواني، لكن السياق الليبي العام لا يمنح الكثير من الأمل في محاسبة شفافة، خاصة في ظل تغوّل السلاح وتعدد الولاءات داخل الأجهزة الأمنية ذاتها.

ويرى مراقبون، أن هذه التطورات تضع منطقة ورشفانة مجدداً في قلب المعادلة الأمنية للعاصمة طرابلس، بصفتها الخاصرة التي طالما ارتبطت بموجات التمدد والانكفاء الميليشياوي، وأنه طالما لم تُقترن الإجراءات الأمنية المؤقتة بخطوات سياسية وهيكلية تعيد بناء السيطرة تحت مظلة الدولة، فإن الحادثة مرشحة لأن تتحول إلى شرارة لجولة جديدة من العنف غرب البلاد.