خطة أم شائعة؟.. ما حقيقة سعى واشنطن لتهجير سكان غزة إلى ليبيا؟

0
230

نفت السفارة الأمريكية في ليبيا بشكل قاطع الأنباء التي تم تداولها مؤخراً حول وجود خطط أمريكية لنقل سكان من قطاع غزة إلى الأراضي الليبية، مؤكدة أن هذه المزاعم “لا أساس لها من الصحة” ووصفتها بأنها “ادعاءات تحريضية وكاذبة تماماً”.

وقالت السفارة الأمريكية في بيان مقتضب، إن ما يتم تداوله حول نية واشنطن توطين فلسطينيين في ليبيا لا يمت للواقع بصلة، محذرة من ترويج مثل هذه الادعاءات التي وصفتها بـ”التحريضية”، في وقت تتصاعد فيه التوترات في الشرق الأوسط وتزداد فيه المخاوف من التلاعب بالقضية الفلسطينية لخدمة أجندات خارجية.

ويأتي هذا النفي الأميركي بعد تقارير نشرتها وسائل إعلام دولية، أبرزها موقع “أكسيوس” الأمريكي، الذي أشار إلى زيارة أجراها مدير جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) ديفيد بارنياع إلى واشنطن، حيث ناقش مع مبعوث البيت الأبيض، ستيف ويتكوف، مقترحات تتعلق بإمكانية نقل نازحين فلسطينيين من قطاع غزة إلى عدد من الدول، من بينها ليبيا، ضمن ما وُصف بخطة “التهجير الطوعي”.

وأوضح التقرير أن بارنياع أشار خلال محادثاته إلى وجود ما وصفه بـ”انفتاح أولي” لدى بعض الدول بشأن هذا الطرح، في إطار خطة أوسع تنفذها إسرائيل وتعتبرها مصادر دبلوماسية انتهاكًا للقانون الدولي، وترقى إلى مصاف “جرائم الحرب”، حسب تعبيرها.

كما أشار تقرير لشبكة “إن.بي.سي نيوز” الأميركية نُشر في مايو الماضي، إلى أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تدرس فعليًا خطة لإعادة توطين نحو مليون فلسطيني من قطاع غزة في ليبيا. ونقل التقرير عن مصادر مطلعة ومسؤول أميركي سابق أن المقترح يشمل تقديم حوافز مالية وسكن مجاني ورواتب شهرية، مقابل الإفراج عن أموال مجمّدة تعود لليبيا منذ أكثر من عشر سنوات.

هذه المعلومات أثارت ردود فعل قوية في الداخل الليبي، حيث عبّرت لجنة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بمجلس النواب عن قلقها من “الزج باسم ليبيا في مثل هذه المخططات المشبوهة”، ووصفتها بمحاولات “تصفية القضية الفلسطينية تحت ذرائع إنسانية وأمنية”.

وأكدت اللجنة في بيان رسمي رفضها التام لأي محاولة لتوطين الفلسطينيين في الأراضي الليبية، معتبرة أن هذه الطروحات تمثل التفافاً على حقوق الشعب الفلسطيني، وعلى رأسها حق العودة. وشددت اللجنة على أن أي حل لا يستند إلى القرارات الدولية ومبادئ القانون الإنساني الدولي سيُواجَه بالرفض الشعبي والرسمي.

كما أدانت اللجنة ما وصفته بسياسة “التجويع الجماعي” التي تنتهجها إسرائيل بحق سكان غزة، من خلال منع دخول المساعدات الإنسانية والطبية، داعية الحكومة الليبية ووزارة الخارجية إلى إعلان موقف واضح وعلني يرفض هذه المزاعم، ويجدد التأكيد على دعم ليبيا لحقوق الفلسطينيين المشروعة.

ويرى مراقبون أن نفي السفارة الأمريكية يشير إلى إدراك واشنطن لحساسية هذا الملف في الداخل الليبي، خاصة في ظل الانقسام السياسي القائم، وتعدد مراكز القوى بين الشرق والغرب، وهو ما قد يجعل مثل هذه الطروحات محفوفة بالمخاطر السياسية والأمنية. كما يربط البعض توقيت هذه المزاعم بتجدد النقاش حول أدوار بعض الأطراف الدولية في إعادة رسم خريطة النفوذ في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، على حساب قضايا حقوق الإنسان وسيادة الدول.

ويؤكد متابعون أن ليبيا، رغم وضعها الهش، لا تزال متمسكة بمواقفها الثابتة تجاه القضية الفلسطينية، وهو ما أظهرته بيانات البرلمان والمؤسسات الرسمية التي سارعت إلى رفض هذه الطروحات، ودعت إلى التمسك بحل الدولتين وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم، وليس إلى أراضٍ بديلة.