في خطوة وُصفت بالأهم منذ عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، أجرى مستشاره للشؤون الإفريقية، مسعد بولس، زيارة إلى ليبيا أجرى خلالها سلسلة لقاءات رفيعة المستوى في العاصمة طرابلس ومدينة بنغازي، في إطار ما قالت واشنطن إنه “تحرك جاد لكسر الجمود السياسي في ليبيا”.
الزيارة التي جاءت بعد أسابيع من تصريحات الرئيس الأمريكي بشأن نية بلاده “تحقيق تسوية سلمية شاملة في ليبيا”، شهدت لقاءات متعددة شملت قيادات تنفيذية وعسكرية واقتصادية، تعكس – بحسب مراقبين – ملامح خريطة طريق أمريكية قيد التبلور، هدفها إنهاء المرحلة الانتقالية الممتدة منذ أكثر من عقد.
مع الدبيبة: استعادة الهدوء وتعزيز التعاون
استهل بولس لقاءاته في طرابلس باجتماع مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، وعلّق على اللقاء قائلًا: “ناقشنا أهمية استعادة الهدوء، ومنع العنف، ودفع الحوار السياسي قدمًا، بينما نعمل معًا على تعزيز التعاون الأمريكي-الليبي بما يعود بالنفع على الأمريكيين والليبيين. كما نتطلع إلى تنمية الصفقات التجارية بين بلدينا”.
ملف الطاقة على الطاولة: لقاء المؤسسة الوطنية للنفط
كما أجرى مستشار ترامب محادثات مع رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، مسعود سليمان، أكد خلالها على أولوية التعاون في مجال الطاقة، قائلًا: “استعرضنا السبل التي يمكن للولايات المتحدة من خلالها دعم أهداف ليبيا في إنتاج النفط والغاز، وأكدنا على الدور الحيوي الذي تضطلع به المؤسسة الوطنية للنفط في دعم اقتصاد ليبيا”.
وفي خطوة ذات دلالة اقتصادية، حضر بولس مراسم توقيع اتفاقية بقيمة 235 مليون دولار بين المؤسسة الوطنية للنفط وشركة “هيل إنترناشيونال”، مؤكدًا: “تأتي هذه الشراكة دعمًا لجهود المؤسسة في التحديث وتعزيز إنتاج وتصدير الغاز”.
لقاء مع المنفي: دعم العملية السياسية
وفي لقاء منفصل مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، جدد بولس دعم بلاده للعملية السياسية، حيث قال: “تباحثنا حول الجهود المبذولة لتحقيق السلام والاستقرار في طرابلس وجميع أنحاء ليبيا. وجددنا تأكيد دعم الولايات المتحدة لوحدة ليبيا ولدفع الحوار السياسي قدمًا على أساس التوافق”.
إلى بنغازي.. لقاءات مع حفتر وصالح وصدام
وانتقل بولس إلى بنغازي حيث التقى القائد العام للجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، مشددًا على: “دعم الولايات المتحدة للجهود الليبية لتوحيد المؤسسات وتعزيز السيادة ورسم طريق نحو الاستقرار والازدهار من خلال الحوار السياسي”.
كما عقد اجتماعات مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، والمهندس بلقاسم حفتر، والفريق ركن صدام حفتر، وقال: “تبادلنا الآراء حول جهود التنمية الاقتصادية وسبل تعزيز العلاقات التجارية بين البلدين، كما ناقشنا أهمية دفع العملية السياسية والانتهاء من وضع ميزانية موحدة”.
وأجرى بولس كذلك مباحثات منفصلة مع صدام حفتر لمتابعة زيارته السابقة إلى واشنطن، مشيرًا إلى: “جددت التأكيد على التزام الولايات المتحدة بدعم وحدة ليبيا وسيادتها واستقرارها”.
لقاء مع هانا تيتيه: تنسيق دولي للمسار السياسي
ولم تخلُ الزيارة من التنسيق مع الأمم المتحدة، حيث التقى بولس بالممثلة الخاصة للأمين العام، هانا تيتيه، وقال: “تبادلنا وجهات النظر حول أهمية المضي قدمًا في العملية السياسية في ليبيا، في الوقت الذي يسعى فيه الليبيون إلى بناء مستقبل أكثر إشراقًا”.
تحرك أمريكي لكسر الجمود
وكانت الإدارة الأمريكية قد كثفت جهودها مؤخرًا تجاه الملف الليبي، حيث صرّح ترامب بأن بلاده تسعى إلى تسوية شاملة، دون كشف تفاصيل محددة. في المقابل، أكّد بولس أن المرحلة الانتقالية في ليبيا “أصبحت عبئًا على الاستقرار”، وأن “تنظيم انتخابات شفافة” هو السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة.
كما كشف عن لقاءات عقدت في واشنطن مع مسؤولين ليبيين ودوليين بهدف بلورة تصور لحكم موحد، يشمل جميع الأطراف، في ظل التنسيق المستمر مع كل من مصر وقطر لدفع العملية السياسية.
ويرى مراقبون أن تحركات بولس تعبّر عن تقييم أمريكي جديد للمشهد الليبي، حيث رجّح المحلل السياسي عيسى عبد القيوم أن اللقاءات “ستنعكس على ما ينقله بولس إلى البيت الأبيض، وربما تشير إلى إعادة ترتيب الأدوار السياسية في المرحلة المقبلة، خاصة في ظل وجود رسائل غير مباشرة للدبيبة”.
في المقابل، يرى الباحث السياسي فيصل الشريف أن التحرك الأمريكي “تحكمه حسابات المصالح، لاسيما في قطاع الطاقة”، مرجّحًا أن تكون واشنطن بصدد “إبرام صفقات أو تفاهمات تعزز نفوذها الاقتصادي في ليبيا”، في وقت لم تعد فيه المبادرات الأممية قادرة على إحداث اختراق في المسار السياسي.
ويبقى التساؤل المطروح: هل تنجح هذه الجولة الأمريكية في إعادة الزخم للحوار الليبي، أم أن تعقيدات الداخل ستُبقي هذه الجهود رهينة الحسابات الإقليمية والدولية؟
- بلدية صرمان تعاني من انقطاع المياه والكهرباء وسط موجة حر شديدة
- إحباط تهريب أكثر من 1.2 مليون يورو بمطار مصراتة الدولي
- نساء ترهونة يطالبن بتمثيل سياسي عادل وحماية من العنف الرقمي
- سوناطراك توسع تعاونها مع ليبيا عبر 4 مذكرات تفاهم لتعزيز الشراكة في مجالات الطاقة
- نواب ليبيون يناقشون مستقبل الذكاء الاصطناعي في البرلمان الأفريقي