اعتقال خالد الهيشري في ألمانيا.. محاسبة دولية أم تصفية سياسية لأذرع “الردع”؟

0
250

أعلنت السلطات الألمانية توقيف خالد الهيشري، المعروف بلقب “البوتي”، أحد أبرز قيادات جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة في ليبيا، وذلك استنادًا إلى أمر قبض صادر عن المحكمة الجنائية الدولية.

وتزامن الاعتقال مع تصاعد التوترات الداخلية في ليبيا بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة وجهاز الردع، في خطوة اعتبرها البعض بداية لتصفية النفوذ الأمني للجهاز داخل طرابلس.

الهيشري الذي اعتُقل في مدينة فرانكفورت، كان يشغل منصبًا رفيعًا في سجن معيتيقة، ويتهمه فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة، إلى جانب مسؤولين آخرين مثل أسامة نجيم، بارتكاب انتهاكات جسيمة بين عامي 2015 و2020، تشمل التعذيب، والاغتصاب، والعنف الجنسي، والاحتجاز القسري لآلاف الليبيين.

وجاءت مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الدولية يوم 10 يوليو 2025 بعد طلب رسمي قدمه المدعي العام في 3 أبريل، استنادًا إلى إعلان ليبيا قبول اختصاص المحكمة بشأن الجرائم المرتكبة منذ عام 2011 وحتى نهاية عام 2027، وفقًا لما أكده بيان رسمي صادر عن المحكمة.

المحكمة الجنائية الدولية وصفت التوقيف بأنه “تطور مهم في جهود تحقيق المساءلة في ليبيا”، مشيرة إلى أن الجرائم المرتكبة في مراكز الاحتجاز تمثل أحد المسارات الأساسية للتحقيقات المستمرة في البلاد، وأن القضية ضد الهيشري تمثل بداية محتملة لأول محاكمة ليبية أمام المحكمة الدولية.

لكن توقيت الاعتقال، وسياقه السياسي، أثارا تساؤلات واسعة داخل ليبيا، خصوصًا في ظل التوتر بين حكومة الدبيبة وجهاز الردع، الذي يُنظر إليه باعتباره قوة أمنية موازية حافظت على نفوذ واسع في طرابلس على مدى السنوات الماضية.

وبينما ترى المحكمة أن الإجراء يأتي في إطار التحقيق الدولي المحايد، أشار خبراء قانونيون إلى أن ليبيا ليست موقعة على اتفاقية روما المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية، وأن العملية تحمل بُعدًا سياسيًا، خاصة في ظل غياب إحالة صادرة عن القضاء الليبي أو قرار من مجلس الأمن بأسماء مطلوبين.

ويرى مراقبون أن اعتقال الهيشري قد لا يكون معزولًا عن الأحداث الأخيرة في طرابلس، وأنه قد يمثل بداية لإضعاف جماعة الردع وتفكيك نفوذها الأمني، في ظل رغبة حكومة الدبيبة في إعادة هيكلة المشهد الأمني لصالحها، وسط انقسام سياسي وأمني حاد بين الغرب والشرق، وتنافس بين الأذرع المسلحة في العاصمة.

وفي حين تترقب المحكمة الجنائية الدولية استكمال إجراءات التسليم، يبقى السؤال مفتوحًا حول ما إذا كانت هذه الخطوة ستشكل بداية فعلية لمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في ليبيا، أم أنها ستُستخدم كأداة لتصفية الحسابات السياسية في بلد لا يزال يعاني من الانقسام والانفلات الأمني.