فضيحة سياسية في روما.. قضية أسامة نجيم قد تطيح بحكومة ميلوني!

0
179

في مشهد يعكس تعقيدات العلاقة بين مقتضيات العدالة الدولية وحسابات السياسة الداخلية، تواجه الحكومة الإيطالية بقيادة جورجيا ميلوني عاصفة من الانتقادات والاتهامات، على خلفية إطلاق سراح رئيس جهاز الشرطة القضائية الليبي السابق، أسامة نجيم، المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية بتهم تتعلق بجرائم ضد الإنسانية.

وكشف موقع يوروأكتيف الأوروبي، أن القضاء الإيطالي أغلق تحقيقاته في ما إذا كانت حكومة ميلوني قد تقاعست عن تنفيذ مذكرة توقيف دولية صادرة بحق نجيم، الذي اعتُقل في مدينة تورينو في 19 يناير الماضي، قبل أن يُفرج عنه بعد يومين فقط ويُعاد إلى ليبيا على متن طائرة تابعة للقوات الجوية الإيطالية.

وبحسب الموقع، فإن محكمة الوزراء في روما، وهي الهيئة المختصة بالنظر في قضايا تُرفع ضد الوزراء الحاليين، أوقفت النظر في الملف بعد اكتشاف تضارب بين تصريحات الحكومة وبين ما ورد في وثائق رسمية تشير إلى علم وزارة العدل بالاعتقال منذ اللحظات الأولى، في تناقض صريح مع مزاعمها بأنها لم تُبلّغ إلا في وقت متأخر.

وتظهر الوثائق التي استندت إليها الصحيفة الأوروبية أن رئيس ديوان وزير العدل الإيطالي، جيوسي بارتولوزي، كان على علم بواقعة التوقيف ظهر يوم 19 يناير، وهو ما يتنافى مع الرواية الرسمية القائلة إن الوزارة لم تتمكن من التصرف لأن البلاغ وصلها متأخراً.

هذا التناقض، الذي وصفه نواب من المعارضة بـ”الكذب المتعمد”، فجّر غضباً سياسياً، وسط مطالب باستقالة وزير العدل كارلو نورديو، وتوجيه انتقادات مباشرة لرئيسة الوزراء.

النائب الليبرالي روبرتو جياتشيتي اعتبر أن نورديو “كذب على البرلمان ويجب أن يستقيل فورًا”، بينما وصفت النائبة الديمقراطية ديبورا سيراكياني عملية إطلاق نجيم بأنها “عمل سياسي متعمّد”، محمّلة المسؤولية لرئيسة الحكومة بشكل مباشر.

في موازاة ذلك، باشرت المحكمة الجنائية الدولية إجراءات رسمية ضد الحكومة الإيطالية بتهمة عرقلة العدالة وعدم التعاون، بعد أن فشلت في تسليم أحد أبرز المطلوبين في ملف الانتهاكات داخل مراكز الاحتجاز الليبية، خاصة في سجن معيتيقة الذي يُتهم نجيم بالإشراف عليه وارتكاب تجاوزات جسيمة داخله.

وقدّمت روما ردّاً رسمياً إلى المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقرًا لها، محاولة تبرير موقفها القانوني، إلا أن المدعي العام رفض أغلب دفوع الحكومة الإيطالية، واعتبرها “واهية ولا تستند إلى مبررات مقنعة”.

ورغم محاولة روما إغلاق الملف قضائياً على المستوى المحلي، فإن القضية مرشحة للتفاعل على أكثر من صعيد، وعلى الصعيد الداخلي، يواجه الائتلاف الحاكم ضغوطاً سياسية قد تعيد خلط أوراق العلاقة بين مؤسسات الدولة، وتفتح نقاشاً أوسع حول حدود السلطة التنفيذية في قضايا تتعلق بالالتزامات الدولية.

أما خارجياً، فإن تعامل الحكومة مع مذكرة المحكمة الجنائية قد يُضعف من مصداقية إيطاليا كدولة ملتزمة بمنظومة العدالة الدولية، خصوصًا في ظل تعاونها التقليدي مع المحكمة في ملفات تتعلق بليبيا وأفريقيا جنوب الصحراء.

وبدأت النيابة العامة في ليبيا بدأت التحقيق مع أسامة نجيم على خلفية اتهامات موثقة بانتهاكات ارتكبت داخل سجن معيتيقة، من بينها التعذيب والاغتصاب وسوء المعاملة، وهي التهم ذاتها التي بنيت عليها مذكرة المحكمة الجنائية الدولية.

وتقدمت النيابة العامة بطلب مساعدة قضائية إلى مكتب المدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية، لمدها بدلائل إثبات التهم الموجهة إلى القيادي السابق في جهاز الشرطة القضائية.

ورفعت النيابة الليبية القيد الإجرائي المتعلق بحالة ضابط الشرطة أسامة المصري نجيم، ضمن بحثها عناصر الجرائم الواردة في سياق أسباب أمر القبض الصادر من الهيئة التمهيدية الأولى بالمحكمة الجنائية.

كما استقصت النيابة الوقائع التي تصدى لها القضاء الوطني، للوقوف على توافقها مع عناصر الجرائم الواردة في أمر المحكمة الجنائية، ثم وجهت طلبًا لـ”نجيم” بالمثول أمامها، واستجاب لذلك في جلسة تحقيق يوم 28 أبريل الماضي.

وأحاطت النيابة نجيم بالوقائع المنسوبة إليه، وسجلت ردوده عليها، ثم باشرت النيابة استيفاء المعلومات ذات الصلة، وأجلت جلسة الاستجواب التالية حتى إنجاز طلب المساعدة القضائية من المحكمة الجنائية.