الدبيبة يصعّد ضد جهاز “الردع”.. هل تندلع الحرب من جديد في طرابلس؟

0
445
رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد دبيبة
رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد دبيبة

يبدو أن العاصمة الليبية طرابلس على موعد جديد مع شبح المواجهة العسكرية، بعد التصعيد الأخير من رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة ضد جهاز الردع لمكافحة الإرهاب، الذي بات مهددًا بالحل وسط أجواء أمنية مشحونة وتحشيد عسكري متزايد.

تصريحات الدبيبة جاءت في مقابلة متلفزة ليعلن فيها بوضوح أن حكومته لن تتراجع عن خطة فرض السيطرة على كامل مرافق الدولة، بما فيها المطارات والموانئ والسجون، مؤكدًا أن التشكيلات المسلحة “تغوّلت” وأصبحت تمتلك نفوذًا عسكريًا قد يفوق مؤسسات الدولة، وتتخذ قرارات منفردة تشمل استيراد السلاح وفرض سلطة الأمر الواقع.

وأشار إلى أن النائب العام أصدر 125 أمر قبض بحق متهمين يتحصنون في قاعدة معيتيقة، محذرًا من أن رفض تنفيذ قرارات الدولة لن يكون دون تبعات، واضعًا أربعة شروط لتفادي الصدام: تسليم المطار، تسليم السجون، تسليم المطلوبين، وحل كافة التشكيلات المسلحة.

ورغم أن قرار حل جهاز الردع الذي أصدره الدبيبة في مايو الماضي نقل صلاحياته إلى إدارة مستحدثة بوزارة الداخلية، فإن الجهاز رفض القرار واعتبره استهدافًا سياسيًا وغير قانوني، نظرًا لكونه صدر من جهة غير مختصة، مشيرًا إلى أن اختصاص الحل يعود فقط للمجلس الرئاسي الذي أنشأ الجهاز في الأساس. كما رأى أن القرار تجاهل الجماعات المسلحة المقربة من مدينة مصراتة، ما يكرس الانقسام.

وفيما شدد الدبيبة على أن العملية الأمنية لا تستهدف “السلفية”، وأنها ليست موجهة ضد تيار بعينه، فإن الأجواء في طرابلس تبدو متجهة نحو تصعيد غير مسبوق، خاصة مع انتشار التعبئة العسكرية وتحركات قوات موالية لحكومته.

يرى مراقبون أن تصريحات الدبيبة تهدف إلى استفزاز جهاز الردع واستدراجه إلى تحرك ميداني يبرر عملية أمنية ضده، خصوصًا أن المعطيات تشير إلى تفضيله عملية خاطفة بدلاً من مواجهة موسعة قد تنقلب عليه. وفي المقابل، فإن جهاز الردع، بما له من نفوذ ميداني وهيكلية تنظيمية قوية، لا يبدو مستعدًا للتنازل أو الانصياع بسهولة.

ويعتبر مراقبون أن المواجهة المحتملة باتت اختبارًا حاسمًا لقدرة الدبيبة على فرض سلطته في طرابلس، وسط تساؤلات حول ما إذا كانت القوة العسكرية المتاحة له كافية لحسم الموقف دون دعم خارجي. ويرجح البعض أن الحكومة بانتظار “ضوء أخضر” إقليمي أو دولي للتحرك، في وقت تتزايد فيه المخاوف من تفاقم المشهد.

تحذيرات خبراء الأمن تشير إلى أن أي محاولة لفرض واقع جديد بالقوة قد تشعل أشرس معركة تشهدها طرابلس منذ 2011، خاصة إذا ما تحالفت قوى معارضة للدبيبة ضده، وهو ما قد يُدخل البلاد في صراع طويل، يهدد ما تبقى من مؤسسات الدولة الهشة.

وفي ظل حالة الترقب، تلوح إمكانية تدخل إقليمي ودولي لاحتواء التصعيد، خصوصًا مع تنامي القلق من انعكاس أي انفجار أمني على الاستقرار الهش في ليبيا، وعلى مصالح دول الجوار والقوى المتداخلة في المشهد الليبي.

ورغم أن المعركة لم تبدأ بعد، إلا أن كل المؤشرات تنذر بأن العاصمة تقف فوق فوهة بركان، وأن الأيام المقبلة ستكون حاسمة ليس فقط في مصير طرابلس، بل في مستقبل حكومة الوحدة الوطنية نفسها.