هل تضع زيارة وزير الخارجية اليونان إلى ليبيا حدا لأزمة الحدود البحرية بين البلدين؟

0
126

عادت أزمة الحدود البحرية إلى الواجهة بعد 6 سنوات من الاتفاقية التي أبرمتها تركيا، مع حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج في نوفمبر من العام 2019، والتي لاقت حينها اعتراضات كبيرة، بعدما شكك الكثيرين في نوايا تركيا، ووصفوها بالمطامع التركية في الثروات الليبية البحرية.

تسببت الانقسامات الليبية، ما بين شرق وغرب، في عدم وجود موقف موحد تجاه القضايا الإقليمية التي تمس ليبيا وحدودها البرية والبحرية، وأدت الأزمات السياسية المتلاحقة وتغير المواقف الدولية والتحالفات إلى تهديد حدود ليبيا البحرية بعدما دخلت الدول الأوروبية، التي تشارك ليبيا حدودها البحرية، كاليونان، على خط الأزمة.

تعمقت التعقيدات الجيوسياسية في منطقة شرق المتوسط، وسادت حالة من التوتر في العلاقات بين ليبيا واليونان، بعدما أعلنت الأخيرة طرح مناقصة دولية للتنقيب عن النفط والغاز في مناطق بحرية جنوب جزيرة كريت، والتي يقع بعضها ضمن نطاق متنازع عليه مع الدولة الليبية.

وفي إطار حل الأزمة وتقريب وجهات النظر، استقبل القائد العام للجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، وزير الخارجية اليوناني، جورج جيرابيتريتيس، والوفد المرافق له، حيث أكد على أهمية تعزيز المصالح المشتركة بين البلدين.

وخلال اللقاء بحث الطرفان سبل دعم وتعزيز التعاون المشترك بين ليبيا واليونان، وخاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية، بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين.

وأعرب وزير الخارجية اليوناني، عن تقديره لدور المشير حفتر في ترسيخ الأمن والاستقرار في ليبيا، وما تشهده المدن والقرى الليبية من نهضة عمرانية متسارعة.

ورحب حفتر من جانبه بوزير الخارجية اليوناني والوفد المرافق له، مؤكدا عمق العلاقات بين البلدين الصديقين، وأهمية تعزيزها بما يخدم المصالح المشتركة.

ووجه المشير حفتر الدعوة إلى الشركات اليونانية المتخصصة في مجالات الإعمار والبنية التحتية، للمساهمة في تنفيذ المشاريع التنموية التي تشهدها مختلف المدن والمناطق الليبية.

واحتجت حكومة الوحدة الوطنية، التي تسيطر على غرب البلاد، على تلك الخطوة، وأعربت وزارة الخارجية والتعاون الدولي عن قلق بالغ من الدعوة التي وجهتها السلطات اليونانية لشركات عالمية لتقديم عطاءات استكشافية، مؤكدة أن جزءً من هذه المناطق يقع ضمن النطاق البحري المتنازع عليه مع ليبيا.

وزارة الخارجية، وصفت تلك الخطوة بأنها انتهاك صريح للحقوق السيادية الليبية، وأكدت أن أي عمليات تنقيب دون تفاهم قانوني مسبق تمثل خرقاً لقواعد القانون الدولي، داعية أثينا إلى إعطاء الأولوية للحوار والتفاوض.

وأكدت الوزارة، على ضرورة اللجوء إلى التفاهمات القانونية الدولية لتفادي أي مواجهات قد تؤدي إلى زعزعة الاستقرار البحري في المتوسط.

وردت اليونان عبر مسؤوليها، الذين أكدوا أن بلادهم تلتزم بالقانون الدولي للبحار، وأبدوا استعدادهم للجلوس مع الجانب الليبي بهدف ترسيم المناطق البحرية المتنازع عليها.

ويبدو أن أزمة الحدود البحرية، هي إحدى القضايا الوطنية التي جمعت بين حكومتي الشرق والغرب، حيث عبرت الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب، عن استغراب وقلق بالغ حيال ما اعتبرته انتهاكًا واضحاً للحقوق السيادية الليبية.

وأصدرت وزارة الخارجية بالحكومة المكلفة، بيانا قالت خلاله إن أي أنشطة استكشافية في المناطق المتنازع عليها دون موافقة صريحة من ليبيا ستُعتبر أعمالاً غير قانونية وعدوانية، محملة الجهات المنفذة كامل المسؤولية القانونية.

وأشارت الوزارة إلى أن هذه التحركات من شأنها تعقيد الأوضاع في شرق المتوسط، وعرقلة جهود الاستقرار والتعاون الإقليمي، في وقتٍ يفترض أن تكون فيه الجهود منصبّة على إعادة بناء الثقة وإنهاء النزاعات المعلقة، لا تأجيجها من خلال خطوات أحادية الجانب.

والتقى وزير الخارجية بالحكومة الليبية المكلفة، عبد الهادي الحويج، بالقنصل العام لليونان لدى ليبيا أغابيوس كالوغنوميس، وناقشا التصريحات الصادرة عن وزير الخارجية اليوناني، جيورجوس جيرابتريتيس.

وخلال اللقاء، أكد الحويج على موقف الحكومة الليبية بشأن الملفات المتعلقة بترسيم الحدود البحرية والعلاقات الثنائية بين البلدين، في إطار احترام السيادة الوطنية وحرص ليبيا على تعزيز التفاهم المشترك.

أما تركيا، شريكة الأزمة، علقت على ما يحدث، حيث قال الناطق باسم وزارة الخارجية التركية، أونجو كِجلي، إن الاستنتاجات التي اعتمدها المجلس الأوروبي في 28 يونيو 2025 تُظهر إصرار اليونان والقبارصة اليونانيين على فرض مطالبهم المتطرفة على الاتحاد الأوروبي، في تعارض مع القانون الدولي ومبدأ الإنصاف.

وأكد كِجلي أن مذكرة التفاهم المبرمة بين تركيا وليبيا بشأن ترسيم حدود مناطق الاختصاص البحري في البحر المتوسط عام 2019، تُعد اتفاقية متوافقة تمامًا مع القانون الدولي، وتؤكد أن تركيا لن تسمح بانتهاك حقوقها ومصالحها المشروعة من خلال إجراءات أحادية الجانب.

وأضاف الناطق التركي أن تصريحات الاتحاد الأوروبي المتحيزة ذات الدوافع السياسية، فيما يتعلق بقضايا قانونية وفنية حساسة مثل ترسيم الحدود البحرية، لا تسهم في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.

ودعت الخارجية التركية، الاتحاد الأوروبي، إلى دعوة دوله الأعضاء إلى الالتزام بالقانون الدولي، بدلًا من الانجرار وراء مطالبات لا تستند إلى أي أساس قانوني _ على حد وصفه.

ويتجه مجلس النواب الليبي إلى المصادقة على الاتفاقية التي أبرمت بين حكومة الوفاق وتركيا، مع تعديل بعض بنودها، حيث قال النائب بالبرلمان، عبد المنعم العرفي، أن المجلس يتجه للمصادقة على الاتفاقية الليبية التركية خلال أقرب جلسة مرتقبة.

وأكد العرفي، في تصريحات تلفزيونية له، أن من بين أبرز النقاط التي يجري العمل على تعديلها بندٌ يمنح تركيا حق الموافقة المسبقة قبل تعاقد ليبيا مع شركات دولية كبرى، مشددا على ضرورة إزالة هذا البند لضمان استقلالية القرار الليبي.

أما النائب علي الصول، قال إن البرلمان سيمرر الاتفاقية الليبية التركية في حال تبيّن أنها تخدم المصلحة الوطنية أولًا، مع مراعاة المصالح الإقليمية.

وأكد الصول على أن البرلمان لن يسمح بتمرير أي اتفاقية تُخضع القرار الليبي لتوازنات مفروضة أو ضغوط دولية، مشيرا إلى أن الاعتبار الأول هو ضمان مصلحة البلاد واستقلال قرارها.

وبالعودة إلى عام 2019، وبعد توقيع اتفاقية ترسيم الحدود بين حكومة السراج وتركيا، أعلنت اليونان رفضها بشدة تلك الاتفاقية، ووصفتها بأنها لا أساس قانوني لها، كونها تتجاهل وجود جزيرة كريت وتمنح أنقرة وطرابلس حق إنشاء منطقة اقتصادية خالصة تمتد من جنوب تركيا إلى شمال شرق ليبيا.