في ظل استمرار الضغوط على الدينار الليبي وتنامي نشاط السوق الموازية للعملات الأجنبية، صعّد مصرف ليبيا المركزي من إجراءاته في الفترة الأخيرة بهدف استعادة السيطرة على سوق الصرف وإنعاش احتياطاته من العملة الصعبة.
ووجّه محافظ مصرف ليبيا المركزي ناجي عيسى، خطابًا رسميًا إلى وزير الاقتصاد والتجارة بحكومة الوحدة الوطنية، محمد الحويج، طالب فيه بإعادة تفعيل قرار حظر الاستيراد والتصدير خارج القنوات المصرفية، وهو القرار الذي أُقر في يناير الماضي تحت رقم (42) لسنة 2025، وكان من المفترض أن يدخل حيّز التنفيذ في 1 أبريل، قبل أن يتم تعليقه لاحقًا من قبل الوزارة.
المركزي أبدى “أسفه واستغرابه” من هذا التعليق، واعتبره تراجعًا عن إحدى أهم الأدوات التنظيمية لضبط سوق الصرف وتقليل الاعتماد على النقد الأجنبي غير الرسمي، محذراً من أن استمرار العمل خارج النظام المصرفي من شأنه أن يُعزز نمو السوق الموازية للعملة، ويُشجع على التهريب وتمويل الأنشطة غير المشروعة، ويزيد الضغط على سعر صرف الدينار الليبي، المهدد حاليًا بالتدهور، ويُعرض ليبيا لمخاطر فقدان العلاقة مع البنوك المراسلة الدولية، ما قد يؤدي فعليًا إلى عزل الاقتصاد الليبي عن النظام المالي العالمي.
ويأتي هذا في وقت يتجاوز فيه سعر صرف الدولار في السوق الموازية حاجز 7.28 دينارًا، مقارنة بالسعر الرسمي البالغ 6.57 دينارًا، وهو ما يمثل فجوة كبيرة تزيد من تكلفة الاستيراد، وتُضعف القوة الشرائية للمواطنين، وتؤثر على الاستقرار النقدي.
في سياق موازٍ، عقد المحافظ اجتماعًا موسعًا مع رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، مسعود سليمان، لبحث سبل دعم القطاع النفطي بهدف زيادة الإنتاج اليومي بنحو 247 ألف برميل، وهو ما يُمكن أن يرفع العائدات النفطية بنحو 6 مليارات دولار سنويًا، ما يوفر غطاءً نقديًا إضافيًا لدعم الدينار وتعزيز احتياطات النقد الأجنبي.
الاجتماع ناقش أيضًا آليات تمويل مشروعات النفط من خلال المصرف الليبي الخارجي ومصارف دولية، ضمن خطة متكاملة لتحسين الإنتاج خلال عامي 2025 و2026.
وفي هذا الإطار، يؤكد تقرير البنك الدولي أن الاقتصاد الليبي أظهر مؤشرات صمود في 2024، رغم تراجعه بنسبة 0.6%، بسبب انخفاض الناتج المحلي النفطي بنسبة 6%، لكنه يُتوقع أن ينمو في 2025 بنسبة 12.3% بفضل توسع الإنتاج النفطي الذي قد يصل إلى 1.3 مليون برميل يوميًا، مع نمو الناتج غير النفطي بنسبة 5.7%.
ومع ذلك، نبّه البنك إلى أن هذه المؤشرات الإيجابية مشروطة بإنجاز إصلاحات جوهرية، من أبرزها، ترشيد الإنفاق العام، وتوسيع النشاط غير النفطي، وكبح السوق السوداء للعملة، وإعادة هيكلة المؤسسات العامة التي تسيطر على الاقتصاد، وعددها 190 مؤسسة، أغلبها يعاني من ضعف الشفافية والخسائر المستمرة.
وفي خضم هذه التحديات، يُطرح السؤال الأهم: هل تنجح إجراءات مصرف ليبيا المركزي في ضبط السوق الموازية وإنقاذ الدينار من مزيد من الانهيار، أم أن غياب الاستقرار السياسي سيُبقي الإصلاح رهينة للقرارات المؤجلة؟
- ليبيا.. احتجاجات بطرابلس وحرق إطارات بالزاوية اعتراضا على مقتل عبد المنعم المريمي
- السيسي يستقبل عقيلة صالح ويؤكد على موقف مصر الثابت الداعم لليبيا
- الحكومة الليبية المكلفة: اتفاق مع برشلونة على إقامة مباراة ودية في بنغازي
- البعثة الأممية لدى ليبيا تدعو إلى تحقيق شفاف ومستقل في مقتل عبد المنعم المريمي
- اختُطف بعد معارضته للدبيبة وتوفى خلال احتجازه.. فمن هو عبد المنعم المريمي؟