البعثة الأممية تعتزم تقديم خارطة طريق لإجراء الانتخابات الليبية.. هل تقبلها كل الأطراف؟

0
197
بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا
بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا

في إحاطتها لمجلس الأمن الدولي، أعلنت المبعوثة الأممية إلى ليبيا، هانا تيته، أن البعثة الأممية تعتزم تقديم خارطة طريق جديدة ومحددة زمنياً لإجراء الانتخابات الليبية، استنادًا إلى المشاورات الموسعة التي أجرتها البعثة في مختلف أنحاء البلاد حول توصيات اللجنة الاستشارية.

هذه الخطوة، التي يُرتقب عرضها على مجلس الأمن خلال الإحاطة القادمة للمبعوثة الأممية، تأتي استجابةً لمطالب شعبية متكررة بإنهاء المراحل الانتقالية، وتوحيد المؤسسات، وتجديد الشرعية السياسية عبر صناديق الاقتراع.

وحثت المبعوثة الأممية جميع الأطراف على المشاركة بحُسن نية وإظهار استعدادها للعمل على بلورة توافق حول خارطة الطريق هذه، مشيرة إلى ضرورة أن يُبدي جميع الفاعلين السياسيين استعدادهم للتفاوض والتوصل إلى حل وسط والتعاون الوثيق مع البعثة من أجل إجراء الإصلاحات التشريعية والإجراءات الإدارية اللازمة لتسهيل العملية.

وذكرت أن هناك أيضاً حاجة إلى الاتفاق على محطات واضحة مع جدول زمني محدد لإجراء انتخابات من شأنها أن تشكّل الأساس لأن يكون لدى الحكومة القادمة تفويض واضح ينبع من الشعب الليبي ويشمل جميع أجزاء البلاد والقبائل والمكونات الثقافية والنساء والشباب والأشخاص ذوي الإعاقة من خلال مشاركتهم في العملية السياسية، كمرشحين وكمشاركين في الحملات الانتخابية وكأفراد من المجتمع المدني وناشطين سياسيين في جو خالٍ من العنف والترهيب السياسي.

ونوهت إلى ضرورة وجود دعم من مجلس الأمن الدولي، بما في ذلك استعداده لاتخاذ تدابير ضد أولئك الذين يعرقلون العملية السياسية أو يحرضون بشكل فاعل على العنف خاصة في طرابلس، مؤكدة أنه سيكون أمراً بالغ الأهمية ومطمئناً لليبيين كافة.

وخلال الإحاطة، أوضحت تيته أن اللجنة الاستشارية التابعة للبعثة قد أنجزت مهامها وقدّمت أربع توصيات رئيسية لمعالجة الانسداد السياسي، وتم فتح مشاورات عامة حولها في طرابلس وبنغازي ومصراتة والزاوية ونالوت والزنتان، بالإضافة إلى لقاءات مع مكونات من الجنوب.

وأشارت تيته، إلى أن البعثة أجرت استطلاعًا عامًا عبر الإنترنت للتعرف على آراء الليبيين حول الخيارات المطروحة من اللجنة الاستشارية، لافتة إلى أن هذه الخطوات تهدف إلى ضمان مشاركة شعبية واسعة في صياغة المسار السياسي الجديد.

وتعكس تصريحات تيته تحوّلًا نسبيًا في منهج البعثة التي وُجهت لها سابقًا انتقادات بفقدان الفاعلية وانحيازها لبعض الأطراف، إلا أن تعهدها بتقديم خارطة طريق تعكس الإرادة الشعبية يعيد طرح الأسئلة حول مدى واقعية التوافق بين الأطراف الليبية المنقسمة، لا سيما في ظل استمرار الانقسام السياسي والمؤسسي.

ملامح خارطة الطريق المزمع تقديمها والمبنية على توصيات اللجنة الاستشارية تتوافق مع رؤية مجلس النواب الليبي الذي يؤكد ضرورة إنهاء الانقسام الحكومي وتشكيل حكومة موحدة جديدة تشرف على إجراء الانتخابات.

أما حكومة الوحدة الوطنية، برئاسة عبد الحميد الدبيبة فهي تروّج لرؤية مغايرة، ترفض استبعادها من العملية الانتخابية، وتؤكد أنها مستعدة لتنظيم الانتخابات حال توفر قاعدة دستورية وقانونية، لكنها تعتبر أن أي حلول تتجاوزها تمثل خرقًا لمبدأ الشرعية. والدبيبة، لا يزال يقدّم نفسه كفاعل سياسي أساسي، يطالب الأمم المتحدة بالحياد، ويدعو إلى إنهاء المراحل الانتقالية من خلال الانتخابات.

وبين هذا وذاك، يستمر غياب التوافق، هذا الواقع يجعل من خارطة الطريق الأممية، مهما كانت شاملة، خطوة صعبة التنفيذ ما لم تُرفق بضمانات إقليمية ودولية تضمن التزام الأطراف، وتدفع نحو اتفاق سياسي حقيقي.

يبقى الرهان على مدى قدرة البعثة في التوفيق بين الأطراف الليبية، وتجاوز تحفظات القوى المتصارعة، للوصول إلى آلية تُجري الانتخابات وتضمن انتقالًا سياسيًا سلميًا، أما إذا استمر الانقسام السياسي ومواقف العناد، فستبقى خارطة الطريق مجرد ورقة جديدة تُضاف إلى أرشيف المبادرات الدولية التي لم تنجح في إخراج ليبيا من أزمتها.