بعد سنوات من الإخفاق.. هل تُصحح الأمم المتحدة مسارها في ليبيا؟

0
119

في وقت يشهد فيه المشهد الليبي تعقيدات سياسية وأمنية متصاعدة، بدأت الأمم المتحدة مراجعة لأداء بعثتها للدعم في ليبيا، عبر زيارة رسمية لفريق تقييم داخلي تابع لمكتب خدمات الرقابة الأممية.

هذه الزيارة فتحت الباب لتقييم شامل طال انتظاره، خاصة بعد سنوات من إخفاق البعثة في تحقيق اختراق حقيقي للأزمة الليبية رغم تعدد المبادرات والمسارات السياسية التي أشرفت عليها.

منذ انطلاق عمل بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، تعرض أداؤها لسيل من الانتقادات، خصوصًا مع فشلها في تنفيذ خارطة طريق تؤدي إلى الانتخابات، وتعثر كل المسارات التي تولّت قيادتها، من ملتقى الحوار السياسي إلى مسار اللجنة الاستشارية.

ورغم الدور التنسيقي الذي كان يؤمل أن تلعبه البعثة كوسيط محايد، إلا أن العديد من الأطراف الليبية اتهمتها بالانحياز وعدم التوازن في التواصل مع مختلف الفاعلين.

زيارة فريق الرقابة الأممي جاءت في سياق هذه الانتقادات، حيث التقى الوفد برئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، الذي دعا الأمم المتحدة إلى مزيد من الحياد والشفافية، منتقدًا ما وصفه بـ”الأحكام الأحادية” التي تعرقل التوافقات السياسية.

وأكد الدبيبة على ضرورة احترام البعثة الأممية لسيادة الدولة وتنوعها السياسي، وربط فعالية أي مبادرة أممية بحساسيتها للسياق الليبي.

من جانبه، شدد رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي خلال لقائه الفريق الأممي على ضرورة مواءمة مهام البعثة مع تطلعات الليبيين، مؤكدًا أن دورها يجب أن يتركز على دعم الاستقرار والسيادة، لا إعادة إنتاج المراحل الانتقالية.

أما النائبان بالمجلس الرئاسي موسى الكوني وعبدالله اللافي، فقد طالبا بإرساء مبدأ المساءلة، وانتقدا استخدام آليات غير واقعية لم تثمر عن نتائج ملموسة، مطالبَين بخطط تتلاءم مع تعقيدات الواقع الليبي.

وعلى الرغم من كل هذه الدعوات، فإن تاريخ البعثة الأممية في ليبيا لا يحمل الكثير من النجاحات، فحتى اللجنة الاستشارية التي شكلتها البعثة مؤخراً وخرجت بعدة توصيات لحلحلة الانسداد السياسي، قوبلت معظم توصياتها بالرفض الشعبي والسياسي، لأنها لم تصب في مصلحة الاستقرار الليبي، باستثناء توصية واحدة كانت تدعو لتغيير الحكومة.

لكن حتى هذه، وإن بدت جذابة نظريًا، فقد تم توظيفها سياسيًا لإعادة إنتاج السلطة بدل إتاحة الخيار للشعب أو المؤسسات الشرعية.

ويرى مراقبون أن زيارة فريق تقييم أداء البعثة الأممية إلى ليبيا تُعد خطوة ضرورية ومتأخرة في آن واحد، لكنها ستظل بلا جدوى إن لم تترجم إلى مراجعة فعلية للنهج الأممي، ووضع خارطة طريق جديدة تنطلق من الواقع الليبي، لا من مقاربات نمطية أثبتت فشلها.

فالمطلوب من الأمم المتحدة ليس فقط إصلاح أدواتها، بل الاعتراف بفشلها السابق، وتحمل مسؤولية ذلك، والسعي لتفويض أكثر شمولًا ومرونة، يعيد بناء الثقة بين البعثة والشعب الليبي.