لماذا تسعى حكومة الوحدة للقضاء على “العمو” الآن؟

0
232

في خطوة لافتة تحمل الكثير من الدلالات السياسية والأمنية، أصدر وزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية، عماد الطرابلسي، أمرًا بالقبض على أحمد الدباشي، المعروف بلقب “العمو”، أحد أبرز قادة الميليشيات في مدينة صبراتة، والمتهم بارتكاب جرائم خطيرة تتعلق بتهريب البشر والهجرة غير الشرعية.

هذه الخطوة تأتي بعد سنوات من الصمت الرسمي على نشاطات “العمو”، الذي يُعد واحدًا من أكثر الأسماء إثارة للجدل في ملف الاتجار بالبشر في ليبيا، حيث ترددت تقارير دولية عن تورطه في إدارة شبكات تهريب تمتد من صحراء ليبيا حتى السواحل الأوروبية، في ظل ما وُصف بـ”حماية ضمنية” من بعض دوائر السلطة.

وتطرح هذه الخطوة المفاجئة عدة تساؤلات حول دوافع حكومة الوحدة للتحرك الآن، خاصة وأن اسم “العمو” ظل متداولًا في تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية منذ سنوات، دون أن تحرّك السلطات ساكنًا.

يرى مراقبون أن قرار القبض على “العمو” ليس مجرد إجراء قانوني متأخر، بل هو انعكاس لتحول في موازين المصالح والتحالفات داخل معسكر الغرب الليبي، خصوصًا بعد اشتباكات صبراتة الأخيرة التي اندلعت بين مجموعته المسلحة ومسلحين قادمين من الزاوية.

الاشتباكات التي اندلعت يومي وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى، والتي أفسدت أجواء العيد في المدينة، جاءت بعد اتهامات للعمو بالتورط في قتل شاب من الزاوية، وهو ما أشعل فتيل المواجهات، وسط صمت رسمي لافت، ثم إصدار مذكرة القبض لاحقًا.

من جهتها، دانت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان ما جرى في صبراتة، واعتبرت أن استمرار نشاط التشكيلات المسلحة الخارجة عن القانون هو نتيجة مباشرة لفشل حكومة الوحدة ووزارة الداخلية في فرض الأمن، وحذرت من تصاعد العنف في ظل غياب الردع.

كما تشير مصادر محلية إلى أن أوكار تهريب المهاجرين التي كانت تدار تحت نفوذ ميليشيا العمو، تعرّضت للتدمير أو الفرار الجماعي خلال الاشتباكات، ما يعني أن الغطاء الذي كان يحمي هذا النشاط بدأ في التآكل، وأن البيئة السياسية التي سمحت سابقًا ببقائه، أصبحت ترى فيه عبئًا يجب التخلص منه.

وربط بعض المحللين هذا التحرك بتصاعد الضغوط الدولية بشأن ملف الهجرة غير الشرعية، خصوصًا من الجانب الأوروبي، الذي أصبح أكثر حساسية تجاه تدفق المهاجرين عبر ليبيا.

في المقابل، يرى آخرون أن التحرك ضد العمو محاولة من حكومة الدبيبة لتقديم نفسها كسلطة قادرة على محاربة الجريمة المنظمة، في الوقت الذي تواجه فيه احتجاجات متزايدة ومطالب برحيلها.

ويبقى السؤال: هل يشكل أمر القبض على “العمو” بداية فعلية لتفكيك شبكات الجريمة المنظمة في الغرب الليبي، أم أنه مجرد خطوة انتقائية جاءت بعد أن انتهت مصلحة السلطة في الإبقاء عليه؟

أكيد، دي خلفية مختصرة ومركزة عن أحمد الدباشي المعروف بـ”العمو”، تقدر تستخدمها ضمن التقرير:

من هو أحمد الدباشي “العمو”؟

يُعد أحمد الدباشي الملقب بـ”العمو” أحد أبرز قادة الميليشيات المسلحة في مدينة صبراتة غرب ليبيا، واشتهر على مدى سنوات بضلوعه في أنشطة إجرامية على رأسها تهريب المهاجرين غير النظاميين والاتجار بالبشر.

برز اسم “العمو” بشكل كبير في 2015 و2016، حينما قاد مجموعة مسلحة كانت تدير مراكز احتجاز غير قانونية لمهاجرين أفارقة، واستخدم نفوذه في صبراتة للسيطرة على جزء من شبكات التهريب التي تنشط على الشريط الساحلي المطل على البحر المتوسط، وهو ما جعله هدفًا لتقارير دولية وحقوقية كثيرة، منها تقارير صادرة عن الأمم المتحدة.

في 2017، أطلقت حكومة الوفاق حينها بالتنسيق مع ميليشيات منافسة عملية عسكرية ضد جماعته، ما أدى إلى طرده مؤقتًا من المدينة، لكنه عاد لاحقًا بترتيبات سياسية غير معلنة.

ورغم تاريخه الحافل بالانتهاكات، لم تتم ملاحقته بشكل جدي، بل وُجهت له اتهامات بالعمل ضمن ترتيبات أمنية غير رسمية مع بعض أطراف الحكومة، وهو ما أثار انتقادات واسعة بشأن علاقة الدولة ببعض قادة الميليشيات المطلوبين دوليًا.