4.7 مليار دولار عجزاً في النقد الأجنبي.. كيف يؤثر على الاقتصاد الليبي؟

0
429
مصرف ليبيا المركزي
مصرف ليبيا المركزي

يشير إعلان مصرف ليبيا المركزي عن تسجيل عجز في استخدامات النقد الأجنبي بقيمة 4.7 مليار دولار خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2025 إلى تصاعد خطر الاختلال في ميزان المدفوعات، واستمرار نزيف الاحتياطيات الأجنبية للبلاد.

وبلغت الإيرادات المحققة من النقد الأجنبي خلال هذه الفترة 9.5 مليار دولار، في حين وصلت الاستخدامات والالتزامات إلى 14.2 مليار دولار، وهو ما يعكس فجوة تمويلية متنامية يصعب معالجتها في ظل الوضع السياسي والاقتصادي الراهن.

أرقام الاستخدامات تُظهر بوضوح أن النقد الأجنبي يُستنزف بشكل رئيسي في تمويل الإنفاق العام، وليس عبر أنشطة إنتاجية أو تجارية تُسهم في توليد العملة الصعبة.

فمصرف ليبيا المركزي أنفق بشكل مباشر 2.2 مليار دولار، بينما صرفت المصارف التجارية نحو 11.9 مليار دولار، في شكل اعتمادات وحوالات، منها 546.5 مليون دولار لجهات عامة، و304 ملايين للشركة العامة للكهرباء، و200.4 مليون للمؤسسة الوطنية للنفط، فضلاً عن مئات الملايين الأخرى لجهاز الإمداد الطبي، والرواتب والمنح والعلاج في الخارج.

ويعكس هذا النمط من الإنفاق اختلالاً في أولويات السياسة النقدية والمالية، حيث يُستخدم النقد الأجنبي لتغطية التزامات استهلاكية وخدماتية لا تعود بعائد مباشر على الاقتصاد أو على احتياطي الدولة من العملة الصعبة.

ويرى مراقبون، أن العجز المتكرر في النقد الأجنبي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بعدد من السياسات الاقتصادية غير المستدامة، أبرزها الاعتماد المفرط على الإيرادات النفطية كمصدر شبه وحيد للعملات الأجنبية، في ظل غياب إصلاحات جوهرية لتنويع الاقتصاد. فكل هبوط في أسعار النفط أو تعطل في التصدير بسبب الاضطرابات الأمنية أو السياسية يترجم مباشرة إلى تراجع في التدفقات النقدية، دون وجود مصادر بديلة للتمويل أو لزيادة الدخل القومي.

وبحسب تقارير، فإن تساهل الدولة في دعم الاستيراد والاعتمادات الخارجية، خاصة للجهات العامة، يخلق طلباً عالياً على الدولار لا يتناسب مع المعروض، ما يضع ضغطًا مستمراً على الاحتياطيات.

وحذر مراقبون من استمرار هذا النهج، مضيفين أن ليبيا قد تتجه نحو أزمة نقدية حادة، تبدأ بتآكل احتياطي النقد الأجنبي، وتؤدي لاحقاً إلى انهيار قيمة الدينار، وارتفاع حاد في الأسعار، وزيادة مستويات التضخم، وهو ما سينعكس سلباً على القوة الشرائية للمواطن، ويزيد من معدلات الفقر والبطالة.

كما أن استمرار شح النقد الأجنبي قد ينعكس على استقرار القطاع المصرفي نفسه، ويؤثر على قدرة المصارف في تغطية الاعتمادات والتحويلات، بما في ذلك الحاجات الأساسية كالأدوية والوقود.

وبالتالي فإن النتيجة الطبيعية لعجز النقد الأجنبي في ليبيا هي الدخول في حلقة مفرغة من الاستدانة الخارجية أو اللجوء إلى أدوات مالية غير تقليدية قد تزعزع الاستقرار المالي.

وفي ظل غياب سلطة موحدة قادرة على وضع سياسات متوازنة بين الإنفاق والإيرادات، وعلى إصلاح الهياكل الاقتصادية المتآكلة، فإن هذا العجز مرشح للتفاقم، ما يهدد ليس فقط الوضع الاقتصادي، بل أيضاً الاجتماعي والسياسي في البلاد.