في محاولة جديدة لكسر الجمود السياسي الذي تعيشه ليبيا منذ سنوات، أعلنت اللجنة الاستشارية المنبثقة عن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، حزمة من التوصيات التي تهدف إلى توحيد السلطة التنفيذية وتهيئة البلاد لإجراء انتخابات طال انتظارها.
توصيات اللجنة الاستشارية اعتبرها البعض بارقة أمل لإنقاذ المرحلة الانتقالية، فيما شكك آخرون في إمكانية تنفيذها على أرض الواقع في ظل الانقسام العميق وتضارب المصالح بين الأطراف المتنازعة.
اللجنة الاستشارية أوصت بتشكيل حكومة موحدة محدودة المهام، تتولى تهيئة الأوضاع لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في أقرب وقت ممكن، على أن يتم الاتفاق على قاعدة دستورية توافقية وتنظيم خارطة طريق زمنية واضحة لمراحل العملية السياسية، تشمل تحديد الصلاحيات التنفيذية، وضمان حياد المؤسسات السيادية خلال المرحلة المقبلة.
التوصيات جاءت في وقت حرج تعيش فيه ليبيا حالة من الغليان الشعبي، تجلت في موجة مظاهرات متواصلة للأسبوع الثالث على التوالي في طرابلس ومدن الغرب الليبي، للمطالبة بإسقاط حكومة عبد الحميد الدبيبة، والتي جاءت عقب اشتباكات مسلحة عنيفة شهدتها العاصمة، أعادت إلى الواجهة هشاشة المشهد الأمني وخطورة تغوّل الجماعات المسلحة.
تحرك مجلس النواب في استجابة لمطالب الشارع، وقرر تشكيل حكومة جديدة بديلة عن حكومة الوحدة، وشرع في عقد جلسات رسمية للاستماع إلى المرشحين لرئاسة الحكومة، ضمن محاولة لإعادة هيكلة السلطة التنفيذية عبر إجراءات داخلية بعيدًا عن اتفاقات البعثة الأممية.
ورغم أهمية توصيات اللجنة الاستشارية، يرى مراقبون أن تطبيقها على أرض الواقع لا يزال محفوفًا بتحديات معقدة، فحكومة الدبيبة ترفض التخلي عن السلطة دون انتخابات، والمجلس الأعلى للدولة لم يعلن موقفًا صريحًا منها، في حين تظل الجماعات المسلحة بغرب ليبيا عاملاً غير مضمون في معادلة التنفيذ، نظرًا لتأثيرها المتزايد على القرار السياسي في العاصمة.
غير أن البعض يعتبر أن هناك فرصة حقيقية لإنجاح هذه المبادرة، إذا ما تم الضغط دوليًا على الأطراف الرافضة للتنازل، إلى جانب استمرار زخم الشارع الليبي الذي قد يُجبر الأطراف على قبول حل وسط، كما أن تحركات مجلس النواب، تعكس إدراكًا متأخرًا لخطورة تجاهل مطالب الشارع.
ويرى محللون أن توصيات اللجنة الاستشارية تمثل أول خريطة طريق مفصلة منذ فشل اتفاق جنيف، إلا أن نجاحها مرهون بمدى توفر إرادة سياسية حقيقية لدى الأطراف الليبية، وبتوفر آليات رقابة وضمانات دولية تمنع الانقلاب عليها كما حدث سابقًا.
وبين تفاؤل حذر وتشكيك واسع، تبقى الأسابيع المقبلة حاسمة في تحديد مصير هذه التوصيات، وما إذا كانت قادرة على إعادة ليبيا إلى سكة الحل، أم ستنضم إلى قائمة المبادرات المؤجلة التي تُجهضها حسابات الداخل قبل أن تُولد.
- السيسي وبن زايد يبحثان تطورات الأوضاع في ليبيا ويؤكدان دعم سيادة الدول العربية
- مباحثات أوروبية أممية لدفع العملية السياسية في ليبيا
- بعثة الأمم المتحدة: 92% من الصحفيين الليبيين تعرّضوا لمضايقات إلكترونية تهدد حرية التعبير
- بعثة الحج الليبية تتكفل بشراء الهدي لجميع الحجاج لموسم 1446هـ
- ليبيا.. إخلاء سبيل 40 متهماً في هجوم على سرية تابعة للكتيبة (55) بمنطقة الماية