في تطور خطير يعكس هشاشة الأوضاع الأمنية في العاصمة الليبية طرابلس، قامت مجموعة مسلحة تابعة لحكومة الوحدة الوطنية، تسمى “قوة التدخل والسيطرة” بقيادة مصطفى البشة، باقتحام مقر المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس، ما أثار حالة من الذعر بين الموظفين، ودفع بعدد كبير منهم لمغادرة مكاتبهم خشية التصعيد.
المجموعة التي وصلت إلى المبنى في مركبات عسكرية رباعية الدفع تحمل شارات “مجلس الوزراء – إدارة المهام الخاصة”، سيطرت على الطابق الخامس حيث يقع مكتب رئيس مجلس الإدارة، وبقيت في المبنى قرابة الساعة والنصف، بحسب شهود عيان.
مصادر وصفت الحادث بأنه محاولة لفرض عقود وإتاوات، فيما وصفه آخرون بأنه استعراض قوة يحمل رسائل سياسية واقتصادية بالغة الخطورة.
في المقابل، نفت حكومة الوحدة وقوع اقتحام، ووصفت ما جرى بأنه مجرد “خلاف شخصي محدود في منطقة الاستقبال”، مؤكدة أنه تم احتواؤه دون تأثير على سير العمل.
من جانبها، أصدرت المؤسسة الوطنية للنفط بيانًا أكدت فيه أن الأخبار المتداولة حول اقتحام مقرها في طرابلس “عارية عن الصحة”، ووصفت الحادث بأنه “خلاف بسيط تمت معالجته على الفور”، مشددة على استمرار المؤسسة في أداء مهامها الحيوية.
لكن بيان مجلس النواب الليبي ناقض هذه الرواية، وأدان بشدة ما وصفه بـ”الهجوم غير القانوني”، مؤكدًا أن ثلاث مركبات عسكرية مسلحة تابعة لقوة التدخل والسيطرة اقتحمت مقر المؤسسة، في عملية اعتبرها البرلمان “عملاً عدائيًا مستهجنًا” يهدد أمن العاصمة ويستهين بسيادة الدولة.
مجلس النواب طالب بفتح تحقيق فوري من قبل النيابة العامة، واستدعاء الموظفين للإدلاء بشهاداتهم حول الحادثة، كما دعا إلى دراسة إمكانية نقل مقر المؤسسة إلى مدينة أكثر استقرارًا، لضمان سلامة العاملين وحماية هذا المورد الحيوي من التلاعب المسلح.
كما وجه المجلس نداءً إلى المجتمع الدولي، وخاصة بعثة الأمم المتحدة، لتحمل مسؤولياتهم تجاه دعم استقرار ليبيا وتشكيل حكومة موحدة بديلة عن حكومة الدبيبة التي وصفها بـ”منتهية الولاية وسيئة السمعة”.
ويعد قطاع النفط في ليبيا العمود الفقري للاقتصاد الوطني، حيث تمثل عائداته أكثر من 95% من موارد الدولة، ما يجعل أي تهديد للمؤسسة الوطنية للنفط مساسًا مباشرًا بمصالح الشعب الليبي، ويزيد من تعقيد المشهد السياسي والأمني في البلاد، خاصة في ظل استمرار الانقسام بين حكومتين متنافستين وعدم التوصل إلى تسوية نهائية.
المخاوف تتزايد من أن تتكرر مثل هذه الحوادث في مؤسسات أخرى، ما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة لضبط سلوك الجماعات المسلحة، وتعزيز سلطة الدولة وإنفاذ القانون، ومنع استخدام مؤسسات الدولة كأدوات للابتزاز أو تحقيق مصالح ضيقة.
ووسط هذا التباين في الروايات بين الحكومة والمؤسسة من جهة، والبرلمان وشهود العيان من جهة أخرى، يبقى المشهد الليبي رهينًا لفوضى السلاح والولاءات المتعددة، ما يهدد كيان الدولة ومقدراتها، ويضع مستقبل الاقتصاد الليبي على المحك.
- ليبيا.. وفاة 12 شخص في حادث تصادم مروع بالكفرة
- النائب العام الليبي يشكل لجنتين للتحقيق في انتهاكات الميليشيات بأحداث طرابلس
- النيابة الليبية: حبس 3 متهمين باقتحام مقر المؤسسة الوطنية للنفط
- حكومة حماد توفر أضاحي وسلعًا تموينية بأسعار مدعومة لتخفيف العبء عن الليبيين
- مشايخ جنزور يؤكدون لـ”الدبيبة” دعمهم لجهود بسط الأمن والاستقرار في ليبيا