التوظيف الإعلامي المضلل لتعطيل جهود توحيد السلطة في ليبيا

0
131
مجلس النواب الليبي
مجلس النواب الليبي

تزامناً مع انعقاد جلسة مجلس النواب الليبي في مدينة بنغازي يوم الاثنين 5 مايو 2025، والتي تمحورت حول الترحيب الدولي المتزايد بمساعي تشكيل حكومة موحدة في ليبيا، وفي ظل رغبة المجلس الجادة في بلوغ هذه الغاية خلال المرحلة المقبلة، لجأت حكومة طرابلس إلى توظيف أدوات الإعلام الموجَّه لنشر معلومات مضللة بهدف صرف الأنظار عن المسار السياسي الذي تقوده بنغازي، وخلق حالة من التشويش العام.

لم يعد خافياً أن الأدوات التكنولوجية أضحت أداة مركزية في إدارة التحركات السياسية، لا سيما في ما يتعلق باستخدام الإعلام الرقمي والمنصات الاجتماعية لتوجيه الرأي العام، سواء لتقويض الخصوم أو لتلميع صورة أطراف معينة، وتكمن خطورة هذه الأدوات في قدرتها على إنتاج محتويات مرئية وسمعية مفبركة، تسهم في تشكيل وعي زائف، وتشتيت الجمهور، وبالتالي خلق بيئة خصبة لتمرير المصالح السياسية الضيقة.

ويعتمد هذا النوع من الحملات الإعلامية على خلق روايات وهمية، وتشكيل صورة نمطية مدفوعة لخدمة أجندات محددة، مع إغراق الساحة بمحتوى مشوش يهدف إلى التلاعب بالتصورات العامة، وفي سياق الصراع الليبي، يتم استغلال هذه الوسائل لتشويه صورة المؤسسات الشرعية في بنغازي، والحد من زخم الدعم الدولي والإقليمي الذي تحظى به مبادرة توحيد السلطة.

يُسخِّر الطرف المهاجم منظومة إعلامية متكاملة لإحداث ضغط نفسي وفكري عبر المحتوى الموجَّه، الذي يتم تسويقه بأساليب تضليلية لإحداث انقسام داخل المجتمع الليبي، وبث الشكوك في شرعية المسارات السياسية الواعدة. كما يستند هذا النهج إلى استمالة جمهور غير ملم بالتفاصيل السياسية الدقيقة، ما يسمح بترسيخ مفاهيم مغلوطة تمنح الطرف المُضلِّل أفضلية مؤقتة.

الهدف النهائي من هذه الحملات لا يتعدى السيطرة على الفضاء العام وتشكيل رأي شعبي يخدم أجندة أحادية تسعى للهيمنة على الحكم، بعيدًا عن روح التوافق الوطني، ويتم ذلك عبر خلق ثغرات فكرية متعمدة بين المواطنين، وتأليف سمعة إعلامية مصطنعة تعكس تصورًا زائفًا حول الواقع السياسي، بما يتلاءم مع ملف أو جهة بعينها.

وبذلك، فإن التلاعب الإعلامي لم يعد مجرد أداة تكميلية في الصراع الليبي، بل تحول إلى سلاح حاسم في معركة النفوذ والسيطرة، ما يستوجب التعامل معه بوعي عالٍ، وضرورة كشف أساليبه وأسسه للرأي العام، صونًا لمبادرات السلام وتوحيد المؤسسات الوطنية الليبية.