البرلمان الليبي يسارع الزمن لتشكيل حكومة جديدة.. فهل ينجح؟ ومن يعطله؟

0
88
مجلس النواب الليبي

في ظل مشهد سياسي متعثر تعيشه ليبيا منذ سنوات، يزداد التعقيد مع استمرار الانقسام بين سلطتين تنفيذيتين متنافستين، الأولى في طرابلس يقودها عبد الحميد الدبيبة، والثانية في الشرق يتولاها أسامة حماد المكلف من مجلس النواب. 

ورغم الجهود الإقليمية والدولية لإطلاق مسار انتخابي موحد، ما تزال البلاد غارقة في أزمة الشرعية، وسط مؤسسات سياسية منتهية الولاية وخلافات عميقة حول أسس التوافق الوطني وآليات تقاسم السلطة.

ويعود الجمود السياسي إلى تداخل الصلاحيات بين الأجسام الحاكمة، وصراع المصالح بين مكونات الشرق والغرب، ما جعل أي محاولة لتوحيد السلطة التنفيذية محفوفة بتحديات داخلية وخارجية.

وفي هذا السياق، يعود مجلس النواب مجدداً إلى الواجهة، بدعوة رسمية وجهها رئيسه عقيلة صالح لعقد جلسة يوم الإثنين في مدينة بنغازي. 

وجاءت الدعوة في توقيت حساس، بعدما تصاعد التوتر بين مجلس النواب والمجلس الرئاسي، خاصة بعد إصدار الأخير حزمة مراسيم اعتبرها صالح “تغولاً على السلطة التشريعية” و”دعما غير مشروع لحكومة منتهية الولاية”. 

وأعلن رئيس البرلمان في كلمته المسجلة لملتقى المصالحة الوطنية بالخمس، أن تشكيل حكومة جديدة لا يرتبط بالانتخابات، بل يمثل ضرورة سياسية عاجلة لتوحيد البلاد عبر سلطة تنفيذية جديدة، بالتشاور مع مجلس الدولة ووفق مقتضيات الاتفاق السياسي.

ومن المتوقع أن تتناول الجلسة المرتقبة لمجلس النواب ملفات حساسة، على رأسها الهيكلية المقترحة للميزانية العامة لعام 2025، والتي تجاوزت 174 مليار دينار، إضافة إلى حزمة إصلاحات اقتصادية تستهدف معالجة أزمة انخفاض قيمة الدينار الليبي وترشيد الإنفاق، فضلاً عن ملف تشكيل الحكومة الجديدة.

وأوضح النائب عبد المنعم العرفي أن الحكومة المقترحة ستُناقش في ضوء التقدم الحاصل في الحوار مع مجلس الدولة، بهدف التوصل إلى توافق بشأن سلطة تنفيذية موحدة تنهي الانقسام وتؤسس لمرحلة سياسية أكثر استقراراً.

من جهته، أكد النائب علي الصول، في تصريحات سابقة، أن التوافق مع مجلس الدولة على حكومة موحدة أصبح أولوية مطلقة، وهو ما يتطلب تسريع المشاورات بين الطرفين وقطع الطريق على محاولات حكومة الوحدة للبقاء أطول في المشهد.

كما انتقد الصول مواقف المبعوثة الأممية هانا تيتيه، واصفاً إياها بأنها لا تُعبّر عن واقع التوازنات السياسية في البلاد، وتتماهى مع أجندة الطرف الغربي في المشهد الليبي.

في المقابل، دعت تيتيه، قبل أسبوع، إلى ضرورة أن تتحمل كافة المؤسسات مسؤولياتها في تمهيد الطريق نحو الانتخابات، مع الإشارة إلى أن جميع المؤسسات الحالية تجاوزت ولايتها القانونية، وهو ما يتطلب معالجة متوازنة تأخذ بعين الاعتبار الفروقات بين مقاربة الشرق ومقاربة الغرب، ففيما يركّز الشرق على تشكيل حكومة جديدة تقود إلى الانتخابات، يطالب الغرب بضمان توافق دستوري وتوحيد المؤسسات الانتخابية قبل الانتقال إلى صناديق الاقتراع.

ووسط هذا المناخ السياسي المتشابك، تبقى الجلسة البرلمانية المرتقبة اختباراً حقيقياً لقدرة مجلس النواب على تجاوز الانقسامات وتقديم مبادرة جامعة بشأن الحكومة، لكن النجاح في ذلك لا يتوقف على مجرد التصويت أو الإعلان، بل يتطلب توافقاً فعلياً مع مجلس الدولة، واستعداداً دولياً لاحتضان أي مخرجات جديدة، في ظل مشهد لا يحتمل المزيد من التأجيل أو المراوحة.

ويواجه مجلس النواب الليبي جملة من التحديات المعقدة التي تعرقل مسار تشكيل حكومة جديدة، في مقدمتها الانقسام السياسي الحاد بين المؤسسات الرسمية وتباين المواقف داخل المجلس نفسه بشأن مخرجات الحوار مع مجلس الدولة. 

وتزداد الضغوط مع تراجع الأوضاع الاقتصادية، وحالة الانفلات المؤسسي، وتدخل الأطراف الدولية التي تدفع باتجاه إجراء انتخابات في بيئة من التوافق، وهو ما يعارضه بعض الأطراف التي تشترط أولاً إعادة تشكيل السلطة التنفيذية وتوحيد مؤسسات الدولة، مما يجعل المجلس في اختبار سياسي دقيق بين الاستجابة لمطالب الداخل وضغوط الخارج.