شهدت العاصمة الليبية طرابلس واقعة صادمة أثارت موجة من الغضب العارم بين الجماهير الرياضية والرأي العام، بعدما تعرض مشجعو نادي الأهلي طرابلس لحادثة دهس متعمدة نفذتها إحدى سيارات دوريات الشرطة التابعة لوزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية، عقب نهاية مباراة الفريق أمام السويحلي ضمن منافسات الدوري الليبي لكرة القدم.
الواقعة التي وثقتها مقاطع مصورة أظهرت لحظة اندفاع سيارة أمنية بسرعة هائلة وسط حشد من المشجعين، ما أدى إلى سقوط عدد من الضحايا بين مصابين بإصابات خطيرة ومتوسطة، وأعادت هذه المشاهد الجدل القديم المتجدد حول علاقة الأجهزة الأمنية بالجماهير الرياضية في ليبيا، وحجم التجاوزات التي يتعرض لها المشجعون خلال المناسبات الرياضية من قبل عناصر الأمن.
هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها التي يشهدها الوسط الرياضي في ليبيا، بل تأتي ضمن سلسلة طويلة من الاعتداءات الأمنية المتكررة التي استهدفت الجماهير والملاعب وحتى الأندية خلال الفترة الماضية، ما يسلط الضوء على أزمة ثقة متفاقمة بين الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة الوحدة والمواطنين، خاصة فئة الشباب التي باتت تجد نفسها في مرمى قمع ممنهج لا يفرّق بين مشجعٍ ولا متظاهر ولا حتى رياضي محترف.
وفي فبراير الماضي اندلعت أعمال الشغب واشتباكات بين الجماهير وأفراد الأمن في ملعب الخمس خلال مباراة الاتحاد الليبي مع المجد والتي أصيب خلالها أحد المشجعين بطلق ناري.
وفي وقت سابق، كانت مدينة طرابلس قد شهدت واقعة اعتداء مشابهة، حين أقدمت عناصر أمنية على إطلاق النار بشكل مباشر على مشجعين نادي الاتحاد في مجمع الصالات عقب مباراته أمام فريق الأهلي بدور الثمانية في دوري كرة السلة، والذي أدى إلى وفاة المشجع عبد المهيمن الفلاح.
وفي حادثة أخرى، اعتدت قوات الأمن في طرابلس على بعثة فريق نادي النصر بمطار معيتيقة الدولي أثناء توجههم لركوب الطائرة للعودة إلى مدينة بنغازي وأحدثت عدة إصابات بلاعبي الفريق.
وتشير التقارير الحقوقية في ليبيا إلى أن هذه الحوادث المتكررة تكشف عن غياب قواعد واضحة وضوابط مهنية في تعامل القوات الأمنية مع الحشود الرياضية، حيث يتحول الحضور الأمني من مهمة لتأمين المباريات إلى مصدر تهديد مباشر للجماهير، في ظل تزايد حالات الاعتداء الجسدي واستخدام القوة المفرطة بلا مبرر قانوني.
الوسط الرياضي الليبي يعيش حالة احتقان عميقة بسبب هذه الممارسات، حيث يرى كثيرون أن ما يحدث ليس مجرد تجاوزات فردية، بل أصبح سلوكًا منهجيًا يعكس غياب إرادة الإصلاح داخل الأجهزة الأمنية، خاصة في ظل تعنت وزارة الداخلية بحكومة الوحدة عن الاعتراف بوقوع انتهاكات واضحة، رغم تكرار الأدلة والشهادات من الضحايا والمراقبين.
وتأتي هذه الاعتداءات في وقت تعاني فيه ليبيا من حالة عدم استقرار سياسي وأمني مزمنة، حيث تحولت الملاعب والأنشطة الرياضية إلى مساحة شبه وحيدة للتنفيس عن الاحتقان الشعبي، لكن حتى هذه المساحة باتت مهددة بقبضة أمنية تحوّل فرحة الرياضة إلى مشاهد رعب لا تختلف كثيرًا عن مشاهد العنف السياسي التي تعيشها البلاد منذ سنوات.
الحادثة الأخيرة التي شهدها محيط ملعب طرابلس الدولي فتحت الباب مجددًا أمام مطالبات واسعة بفتح تحقيق جاد ومستقل حول ممارسات وزارة الداخلية ضد الجماهير الرياضية، ومحاسبة المتورطين في هذه الاعتداءات المتكررة، حفاظًا على ما تبقى من الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، في بلدٍ أنهكته الصراعات والانقسامات، ويدفع شبابه ثمن تسيب الأمن وغياب العدالة يومًا بعد يوم.
- من الدهس إلى إطلاق النار.. الاعتداءات الأمنية تطارد جماهير الرياضة في طرابلس
- “حماد” ينقل مقر هيئة أمن المرافق والمنشآت إلى بنغازي ويُسمي أكرم المسماري رئيسًا لها
- وفد ليبيا يصل القاهرة للمشاركة في أعمال الدورة الـ163 لمجلس جامعة الدول العربية
- مفوضية الانتخابات الليبية تستعد لتوزيع بطاقات الناخب لانتخابات المجالس البلدية
- تركيا تعلن نيتها تنفيذ مشاريع جديدة للتنقيب عن النفط والغاز في ليبيا