بين الوعود والواقع: دبيبة يروج لاستقرار الاقتصاد والليبيون يعانون من ارتفاع الأسعار

0
117
ارتفاع اسعار الغذاء والسلع في ليبيا

تتزايد وتيرة التصريحات الرسمية التي تروج لاستقرار الاقتصاد الليبي وتحقيق مؤشرات نمو واعدة، إلا أن الواقع المعيشي للمواطنين يظل بعيداً عن هذه الوعود، حيث يعاني الكثيرون من ارتفاع حاد في الأسعار وتدهور مستمر في قدرتهم الشرائية. 

وفي ظل هذه التناقضات بين الأرقام المعلنة والحياة اليومية، تبرز التساؤلات حول مدى صحة ما يُقال عن استقرار الاقتصاد الليبي، وما إذا كانت هذه الادعاءات تعكس حقيقة الوضع أم أنها مجرد مساعٍ لتحسين الصورة في وقت تزداد فيه التحديات الاقتصادية.

وقال رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبدالحميد دبيبة، إن احتياطي ليبيا من النقد الأجنبي استقر بين 84 و94 مليار دولار، مقارنة بـ79 مليار دولار خلال عام 2021، مضيفاً أن ليبيا سجلت أعلى نسبة نمو للناتج المحلي في العالم العربي بنسبة تفوق 12%، مع بقاء معدل التضخم تحت 2.5%.

وعلى الرغم من هذه التصريحات، فإن الوضع الاقتصادي على أرض الواقع يعكس صورة مغايرة تماماً، فالمواطن الليبي يعاني من تدهور القدرة الشرائية بسبب ارتفاع الأسعار بشكل كبير، خاصة بعد قرار مصرف ليبيا المركزي برفع سعر الدينار أمام الدولار من 4.48 إلى 5.56، ما أدى إلى زيادات غير مسبوقة في أسعار العديد من السلع الأساسية. 

وعلى سبيل المثال، ارتفعت أسعار اللحوم والدواجن بشكل حاد، حيث سجلت أسعار الدواجن زيادة بنسبة 33%، وارتفعت أسعار اللحوم بنسب تتراوح بين 6 و8%، كما ارتفعت أسعار الدقيق المستخدم في المخابز بنسبة 24%، إضافة إلى زيادات في أسعار معجون الطماطم وزيت الطهي والعديد من السلع الأخرى.

وتعكس هذه الزيادات بشكل واضح أن الوضع الاقتصادي يتدهور بشكل مستمر، رغم الأرقام التي يتم الإعلان عنها في المؤتمرات الرسمية.

على صعيد آخر، تحدث ددبيبة عن “الإنفاق الموازي” الذي يعد من العوامل الرئيسية التي تؤثر سلبًا على الاستقرار المالي في البلاد. حيث كشف المصرف المركزي أن الإنفاق العام المزدوج من حكومة الوحدة والحكومة المكلفة من مجلس النواب أدى إلى اتساع الفجوة بين العرض والطلب على العملات الأجنبية، مما أسهم في اختلال استقرار سعر الصرف، بالإضافة إلى تأثيره على قيمة الدينار.

وقد بلغ حجم الإنفاق العام المزدوج خلال عام 2024 نحو 224 مليار دينار، ما يعكس سوء إدارة المال العام والآثار السلبية لهذا الإنفاق على الاقتصاد الوطني. 

وطالب الدبيبة النائب العام بالتحقيق في صرف 59 مليار دينار نتيجة للإنفاق الحكومي الموازي، مما يسلط الضوء على تدهور الشفافية في التعاملات المالية داخل الحكومة.

وفي الوقت الذي يحاول الدبيبة أن يظهر التفاؤل بشأن مؤشرات اقتصادية مشجعة، فإن الواقع يشير إلى تأثيرات سلبية واضحة على المواطنين، فبينما يستمر ارتفاع الأسعار، تتزايد المخاوف بشأن انخفاض القدرة الشرائية مع تزايد التضخم، بالإضافة إلى تراجع قيمة العملة الليبية. 

وحذرت شبكة ليبيا للتجارة من تداعيات تخفيض قيمة الدينار، مشيرة إلى أن ذلك سيؤدي إلى زيادة أسعار السلع المستوردة بنسبة قد تصل إلى 25%، مع زيادة نسبية في أسعار المنتجات المحلية، وهذا التراجع في القدرة الشرائية يعكس الواقع الذي يعيشه المواطن الليبي، ويؤكد أن التصريحات الحكومية لا تعكس حقيقة الوضع المعيشي للمواطنين.

وبناءً على ذلك، بينما قد تظهر بعض الأرقام والمؤشرات الاقتصادية إيجابية على الورق، فإن الحقيقة تكشف عن معاناة حقيقية يعيشها المواطن الليبي، مما يبرز التباين الكبير بين التصريحات الرسمية والواقع الاقتصادي الصعب.