البديل في الطريق: هل يغادر “دبيبة” المشهد الليبي؟

0
211
رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد دبيبة
رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد دبيبة

تعيش الساحة الليبية حالة ترقب متزايدة إزاء مستقبل رئاسة الحكومة، في ظل مؤشرات متسارعة توحي بقرب مغادرة عبد الحميد الدبيبة المشهد السياسي. 

ورغم أن مغادرته لا تزال غير محسومة رسمياً، فإن التطورات الإقليمية والدولية، وتصاعد التحركات العسكرية في الداخل، تعزز من احتمال التغيير، وترسم ملامح مرحلة انتقالية جديدة قد تحمل عبد الكريم مقيق إلى الصدارة.

وتشير معطيات سياسية نُقلت عن مصادر ليبية مطلعة إلى أن الدبيبة قد يُجبر على مغادرة منصبه في غضون أسابيع، ومع أن عملية اختيار بديل لرئاسة الحكومة تُعد معقدة، وتستلزم توافقاً بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، إلى جانب مباركة أممية، فإن الحراك الخارجي يوحي بأن بديل الدبيبة بدأ يُعد بعناية، سواء على المستوى السياسي أو الرمزي.

في هذا السياق، يبرز اسم عبد الكريم مقيق، العالم النووي المعروف بإشرافه على تفكيك الترسانة النووية الليبية خلال عهد القذافي، وذلك بحسب شبكة “نيوز ماكس” التلفزيونية الأمريكية.

وبحسب مراسل الشبكة من البيت الأبيض وكاتب العمود السياسي الرئيسي فيها جون جيزي، فإن زيارة “مقيق” إلى واشنطن ولقاءاته مع أعضاء في لجنتي العلاقات الخارجية بالكونغرس الأمريكي تتجاوز كونها تحركات بروتوكولية، وتدل على مشروع سياسي يُصاغ خلف الكواليس، في وقت تسعى فيه القوى الدولية لاستعادة نفوذها داخل ليبيا من بوابة التوافق الجديد.

وبرغم عدم وضوح موقف الإدارة الأميركية من مسألة تغيير دبيبة، فإن استقبال “مقيق” بهذا المستوى يعكس اهتماماً أمريكياً بإعادة هيكلة السلطة التنفيذية في ليبيا بما يتجاوز الحسابات المحلية، ويرتبط بمساعي واشنطن لإنهاء حالة الجمود، والبحث عن شخصية قادرة على الجمع بين الشرعية الدولية والكفاءة الفنية.

على الصعيد الداخلي، يواجه رئيس حكومة الوحدة تراجعاً حاداً في الدعم، بعد إخفاق حكومته في تنظيم الانتخابات التي كانت وعدت بها منذ عام 2021، كما أن مجلس النواب سحب ثقته من الحكومة، وهاجم رئيسه عقيلة صالح الدبيبة صراحة، متهماً إياه بتقويض فرص إجراء الانتخابات، مما عمّق الأزمة المؤسسية وزاد من هشاشة شرعية الحكومة القائمة.

إلى جانب ذلك، تتصاعد المؤشرات على فقدان حكومة الوحدة الوطنية للدعم الأممي، وهو ما يمنح المبادرات البديلة زخماً سياسياً متصاعداً. 

وفي هذا المناخ، يظهر “مقيق” كمشروع لتقاطع (محلي ـ دولي)، يسعى لاستعادة وحدة الدولة الليبية، ويطرح أولوياته بوضوح، وعلى رأسها إعادة تنظيم العلاقة مع كافة الأطراف في إطار وحدة الدولة لا انقسامها.

غير أن مسألة انتقال السلطة لا تبدو سهلة، إذ تشهد العاصمة طرابلس توترات ميدانية متنامية مع تحركات عسكرية لجماعات مسلحة قادمة من مصراتة، مما يهدد بتجدد الصراع الأهلي، ويدفع بملف التغيير السياسي إلى حافة الاحتمالات الأمنية المفتوحة. 

ويعيد هذا المشهد إلى الأذهان أجواء ما قبل الاقتتال، حين كانت المعادلة السياسية تُصاغ بالقوة أكثر مما تُدار بالحوار.

ولم يعد بقاء حكومة الدبيبة ممكناً دون تكلفة سياسية وأمنية باهظة، فيما يطرح اسم “مقيق” كتعبير عن تسوية محتملة تجمع بين دعم الخارج وتطلعات الداخل إلى مخرج من مأزق الانقسام، لكن ما لم تُحسم خريطة التحالفات على الأرض، وتُستكمل خطوات بناء الثقة، فإن أي تغيير قد يعيد البلاد إلى دائرة الفوضى بدلاً من أن يخرجها منها.