في خضم التوترات الدولية المتعلقة بالملف النووي الإيراني وعودة الحديث عن مفاوضات محتملة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب وطهران، عاد البرنامج النووي الليبي إلى واجهة النقاشات الدولية، باعتباره أحد الأمثلة البارزة على تفكيك برامج تسلح نووي طوعيًا في مقابل مكاسب سياسية واقتصادية. لكن ما هو هذا البرنامج؟ ولماذا تحول إلى محور حديث في أروقة السياسة الدولية؟
بدأت طموحات ليبيا النووية في نهاية الستينيات من القرن الماضي، عندما أبدى الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي اهتمامه باحتياطات اليورانيوم التي اكتشفتها فرنسا في منطقة جبل تيبستي شمال تشاد. ومع بداية السبعينيات، حاول القذافي ضم شريط أوزو الغني باليورانيوم والنفط، مما أدى إلى اندلاع نزاع عسكري طويل مع تشاد.
في إطار سعيه لتحقيق حلم امتلاك سلاح نووي، أنشأ القذافي مركز البحوث الصناعية عام 1970، وبدأ البحث عن طرق لتخصيب اليورانيوم. لكن محاولاته للحصول على مفاعل نووي من الاتحاد السوفيتي باءت بالفشل، ما دفعه للجوء إلى السوق السوداء، حيث تعاون مع شبكة التهريب النووي بقيادة العالم الباكستاني عبد القدير خان.
خلال الثمانينيات والتسعينيات، حصلت ليبيا على معدات وأجهزة طرد مركزي ووثائق تصميم أسلحة نووية، إضافة إلى شحنات سرية من اليورانيوم المعالج، معظمها تم تهريبه عبر دول ككوريا الشمالية وباكستان. وقد مول النظام الليبي هذه العملية عبر قنوات مالية معقدة شملت شركات وهمية وبنوك أجنبية.
لكن في أكتوبر 2003، تم اعتراض شحنة سرية كانت متجهة إلى ليبيا في عملية استخباراتية دولية، ما عرّى البرنامج الليبي أمام العالم. وتحت ضغط دولي مكثف، أعلن القذافي يوم 19 ديسمبر 2003 التخلي الكامل عن البرنامج النووي، وسلمت ليبيا المعدات والوثائق إلى الولايات المتحدة بإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
في مقابل ذلك، رفعت واشنطن والعواصم الأوروبية العقوبات عن ليبيا، وانفتحت أبواب الاستثمارات النفطية أمام الشركات الغربية. كما استعادت ليبيا موقعها الدبلوماسي، وحصلت على مقعد في مجلس الأمن، وتحولت إلى وسيط في نزاعات أفريقية.
لكن مع اندلاع الثورة الليبية في 2011، توقفت جميع مشاريع الطاقة النووية، وأصبحت المنشآت عرضة للتخريب نتيجة غياب الأمن والاستقرار. وفي مارس 2023، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية اختفاء 2.5 طن من اليورانيوم الطبيعي من مستودع جنوبي ليبيا، قبل أن تعلن قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر العثور عليه مجددًا.
يُذكر أن البرنامج النووي الليبي، رغم أنه لم يصل إلى مرحلة تصنيع سلاح نووي، ظل واحدًا من أكثر المشاريع سرية وإثارة للجدل في تاريخ منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويُستخدم اليوم كمرجع سياسي في مفاوضات نزع السلاح النووي حول العالم.
وتطالب إسرائيل بتطبيق النموذج الليبي على إيران، وترى أن سيناريو تفكيك البرنامج الليبي القائم على التعاون الدولي مع مشاركة الوكالة الدولية للطاقة الذرية يمكن أن يكون نموذجاً ناجحاً لتطبيقه على إيران.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تصريحات صحفية تعليقاً على المباحثات بين الولايات المتحدة وإيران، والتي من المقرر أن تستضيفها سلطنة عُمان: “نوافق على ألّا يكون لإيران سلاح نووي. يمكن للأمر أن يحدث بناءً لاتفاق فقط على غرار النموذج الليبي”.
من جهتها رفضت طهران تكرار السيناريو الليبي والتنازل عن برنامجها النووي وهو ما قد يضعها أمام صدام عسكري مباشر مع الولايات المتحدة.
- البعثة الأممية: ديكارلو ودبيبة بحثا التحديات الاقتصادية وحماية المؤسسات الرقابية في ليبيا
- المشير حفتر يطلع على سير إنشاءات المدينة العسكرية الجديدة
- تكتل الأحزاب الليبية يدعو البعثة الأممية لتعديل الإعلان الدستوري وحسم المرحلة الانتقالية
- ليبيا.. ضبط حفار مسروق من شركة نفط أجنبية في زلة
- برنامج الأغذية العالمي يعلن انخفاض أسعار سلة الغذاء الأساسية في ليبيا