أثار قرار مصرف ليبيا المركزي، بتخفيض قيمة الدينار الليبي بنسبة 13.3% مقابل العملات الأجنبية، موجة من الجدل وردود الفعل الحادة من مختلف المؤسسات السياسية والاقتصادية في البلاد، في ظل استمرار الانقسام السياسي الحاد.
وأعلن المصرف أن سعر الصرف الرسمي الجديد سيكون 5.5677 دينار مقابل الدولار الواحد، مرجعًا قراره إلى استمرار الإنفاق المزدوج من قبل الحكومتين المتنافستين في طرابلس وبنغازي، وغياب أي بوادر لتوحيد هذا الإنفاق أو التوصل إلى موازنة موحدة.
وأكد المصرف المركزي استعداده الكامل للتعاون بشفافية مع كافة الجهات، داعيًا إلى ضرورة وضع رؤية اقتصادية قصيرة الأجل وإقرار موازنة موحدة لضبط الإنفاق العام.
حكومة الوحدة: الحكومة الموازية أنفقت 59 مليار دينار خارج الترتيبات الرسمية
ردت حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد دبيبة، على القرار، محملة الحكومة الموازية المسؤولية عن استنزاف الاقتصاد الوطني، وقالت إن الأخيرة أنفقت نحو 59 مليار دينار خارج الأطر الرسمية خلال عام 2024، بينما لم يُخصص سوى 12 مليار دينار للمشروعات التنموية وفق الترتيبات المعتمدة.
وأشارت حكومة الوحدة إلى أن هذا الإنفاق العشوائي يفاقم الدين العام ويضغط على الاحتياطي النقدي، محذّرة من استمرار هذه الممارسات، ودعت إلى الالتزام بالشفافية والضوابط المالية الرسمية.
الحكومة المكلفة: بيانات حكومة الوحدة والمصرف مليئة بالمغالطات
أما الحكومة المكلفة من مجلس النواب، برئاسة أسامة حماد، فقد هاجمت بيانَي حكومة الوحدة ومصرف ليبيا المركزي، واعتبرتهما محاولة للتنصل من المسؤولية، مؤكدة أنها تعمل وفق القوانين المالية النافذة، متهمة حكومة الوحدة بالتعدي على أرباح المصرف.
وقال حماد، إن حكومة الوحدة تقدم معلومات مغلوطة لتضليل الرأي العام، موضحاً أن الإنفاق الموازي المزعوم تم وفق احتياجات خدمية وتنموية، وليس عبثًا كما يُروَّج.
المجلس الرئاسي: التخفيض لن يُعالج الأزمة والحل في إنهاء الانقسام
وفي بيان رسمي، أكد المجلس الرئاسي الليبي أن تخفيض سعر صرف الدينار لن يحل جذور الأزمة، بل قد يؤدي إلى زيادة الطلب على العملات الأجنبية في ظل غياب موازنة عامة موحدة وتعدد مصادر الإنفاق.
وشدد المجلس على أن السلطة النقدية لا يمكنها إدارة الوضع الاقتصادي الحالي بسبب الانقسام الحاد في المالية العامة، مطالبًا بتفعيل اللجنة المالية العليا كإطار تفاوضي بين الأطراف السياسية لتوحيد الرؤية المالية وحماية الاقتصاد الوطني.
المجلس الأعلى للدولة: السياسات النقدية الحالية كارثية وتفاقم معاناة الليبيين
من جانبه، أصدر المجلس الأعلى للدولة، برئاسة خالد المشري، بيانًا شديد اللهجة، أعرب فيه عن قلقه من السياسات النقدية التي ينتهجها مصرف ليبيا المركزي، معتبرا أن التخفيضات المتكررة في قيمة الدينار تمثل حلولًا خاطئة تُحمّل المواطن البسيط تبعات الأزمة.
ودعا مجلس الدولة المصرف المركزي إلى تبني سياسات أكثر توازنًا، مؤكدًا أن الأزمة الحقيقية تكمن في الانقسام السياسي وغياب حكومة موحدة، مشدداً على ضرورة خفض الإنفاق الحكومي، واعتماد ميزانية موحدة تقلل من الهدر.
وطالب المجلس الأعلى بعقد لقاء عاجل بين رئيس مجلس النواب ومحافظ المصرف المركزي للبحث عن حلول سريعة وبديلة، موجهًا اتهامات صريحة للمصرف بالتعامل المالي مع جهات غير شرعية، ودعا ديوان المحاسبة وهيئة الرقابة الإدارية إلى فتح تحقيق عاجل في هذا الشأن.
مجلس النواب يدعو إلى مساءلة المحافظ
وفي تطور لافت، أعلن مجلس النواب الليبي عن عقد جلسة رسمية يوم 15 أبريل الجاري، لمساءلة محافظ مصرف ليبيا المركزي ناجي عيسى بشأن قرار تخفيض سعر صرف الدينار، بناءً على طلب 69 نائبًا.
خلاصة المشهد
تباينت ردود الأفعال بين اتهامات متبادلة وتحذيرات من تفاقم الأزمة، وسط غياب رؤية موحدة لإنقاذ الاقتصاد الليبي. وبينما يشير المصرف المركزي إلى الإنفاق المزدوج كسبب رئيسي لتدهور قيمة العملة، ترى أطراف أخرى أن الحل يبدأ من إنهاء الانقسام السياسي وتوحيد مؤسسات الدولة المالية والتنفيذية.
- ما هي ردود أفعال المؤسسات الليبية حول قرار تخفيض الدينار مقابل العملات الأجنبية؟
- المبعوثة الأممية تشدد على ضرورة الحفاظ على استقلالية ديوان المحاسبة الليبي
- ليبيا تشارك في اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي بجامعة الدولة العربية
- المبعوثة الأممية تبحث مع النائب العام الليبي سبل معالجة الاحتجاز التعسفي
- مؤسسة النفط الليبية تطلق المرحلة الثالثة من جولة العطاء العام في لندن