فتح العطاء العام لاستكشاف النفط.. مخاوف من إهدار حكومة الوحدة لثروات ليبيا

0
98

أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، عن إطلاق جولة جديدة من العطاءات للاستكشاف النفطي، والتي تعد الأولى منذ 17 عامًا، بهدف جذب الشركات الأجنبية للاستثمار، وتعزيز إنتاج البلاد من النفط.

وتأتي هذه الخطوة في وقت تعاني فيه ليبيا من انقسامات سياسية حادة، ما أثار مخاوف واسعة بشأن مدى قانونية هذه العطاءات، وتأثيرها على مستقبل الموارد الطبيعية في البلاد. حيث تعد ليبيا واحدة من أكبر منتجي النفط في إفريقيا، وتعتمد بشكل شبه كامل على عائداته في تمويل الموازنة العامة.

إطلاق العطاءات أثار ردود فعل متباينة بين الفاعلين السياسيين والاقتصاديين في ليبيا، حيث اعتبرت كتلة التوافق الوطني بالمجلس الأعلى للدولة في بيان، أن هذه الخطوة تمثل “إعلان هدر وتفريط في مقدرات الدولة النفطية، وتهديدًا خطيرًا لأمن الطاقة الليبي”.

وأكدت الكتلة أن فتح العطاءات في ظل حكومة الوحدة المنتهية الولاية، ومن دون وجود آليات شفافة للرقابة، يزيد من احتمالات تفشي الفساد وسوء استغلال الموارد.

كما حذرت الكتلة من أن العقود التي ستبرمها حكومة الوحدة قد لا تحظى بالشرعية القانونية مستقبلاً، خاصة في ظل غياب توافق سياسي حولها. مشددة على ضرورة تأجيل أي اتفاقات طويلة الأمد في قطاع النفط إلى حين تشكيل حكومة جديدة منتخبة تضمن مصالح الليبيين كافة.

من جانبه، دافع القائم بأعمال رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، مسعود سليمان، عن إطلاق العطاءات، مشيرًا إلى أنها تهدف إلى رفع مستوى الإنتاج النفطي، الذي يسعى للوصول إلى 1.6 مليون برميل يوميًا.

ولفت إلى أن الاستكشاف في مناطق جديدة لا يعني فقط إنتاج النفط والغاز، بل هو مبعثًا للحياة في تلك المناطق وتنميتها، الأمر الذي سيسهم في دعم القطاع الخاص الذي سيشارك في تقديم الخدمات المساندة لأعمال الاستكشاف والحفر، وبالتالي زيادة الدخل القومي، فضلاً عن توفير مساحات واسعة من فرص العمل الجديدة للشباب الليبي الباحث عن عمل.

وأوضح أن عودة كبرى الشركات للاستكشاف في ليبيا ستعزز مكانة ليبيا بين دول العالم النفطية، وستضيف احتياطيات جديدة من النفط والغاز تعوّض الكميات المنتجة في السابق، مما سيسهم في زيادة إنتاج ليبيا من النفط والغاز وفقًا لخطة المؤسسة الرامية لذلك.

من جهته أكد دبيبة، أن هذه الجولة تمثل رسالة واضحة بأن ليبيا مستعدة للانفتاح على الشركات العالمية ضمن بيئة استثمارية حديثة وشفافة، مشيراً إلى أن حكومة الوحدة الوطنية عملت على إزالة العقبات التي واجهت قطاع النفط والغاز، مما أدى إلى تحقيق معدلات إنتاج متميزة، حيث بلغ إنتاج النفط الخام 1.4 مليون برميل يوميا، مع خطط لتعزيز موقع ليبيا كمورّد رئيسي للطاقة.

وأشار إلى أن استدامة الإنتاج تتطلب استكشاف موارد جديدة لتعويض الاحتياطيات المنتجة، مع العمل على تعزيز مكانة ليبيا في أسواق الغاز العالمية عبر تطوير مشاريع البنية التحتية، مما سيسهم في رفع القدرة التصديرية وتأمين إمدادات الطاقة للأسواق الأوروبية والعالمية.

لكن هذه التطمينات لم تُبدد المخاوف من أن يكون فتح المجال أمام الشركات الأجنبية جزءًا من ترتيبات سياسية واقتصادية لصالح أطراف معينة، خاصة في ظل اتهامات لحكومة اi got upلوحدة بإبرام اتفاقات غير شفافة للاستفادة من العائدات النفطية سياسيًا.

ويرى مراقبون أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى زيادة حدة التوترات بين الأطراف الليبية، خاصة مع غياب إجماع سياسي على إدارة الثروات الطبيعية، واستمرار الصراع حول إيرادات النفط. فلطالما شكلت عائدات النفط محور الخلافات بين الشرق والغرب، حيث تسيطر قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر على معظم الحقول والموانئ النفطية، بينما تدار العائدات من قبل حكومة الوحدة في طرابلس.

كما أن فتح جولة العطاءات قد يضعف موقف الحكومة المقبلة، حيث قد تجد نفسها ملتزمة بعقود طويلة الأمد تم توقيعها في ظل حكومة لم تحصل على تفويض من البرلمان. وهو ما قد يخلق نزاعات قانونية مستقبلاً مع الشركات الأجنبية، مما قد يعرقل أي محاولات لإعادة هيكلة قطاع النفط بطريقة أكثر عدالة وشفافية.

وفي ظل غياب سلطة موحدة قادرة على إدارة الموارد النفطية بشكل عادل، فإن فتح العطاءات للاستكشاف النفطي قد يحمل مخاطر اقتصادية وسياسية كبيرة، خصوصًا إذا لم تكن هناك رقابة صارمة على الاتفاقات التي سيتم توقيعها.

ويبقى التساؤل: هل تمثل هذه العطاءات فرصة لتنمية قطاع النفط الليبي أم أنها مجرد خطوة أخرى نحو إهدار ثروات البلاد في ظل استمرار الانقسام السياسي؟