نظام الأقاليم الثلاثة في ليبيا.. خطوة نحو الاستقرار أم مزيد من الانقسام؟

0
127
نائب رئيس المجلس الرئاسي موسى الكوني

تجددت في ليبيا دعوات اعتماد النظام الفيدرالي كبديل للنظام المركزي القائم، وذلك من خلال تصريحات نائب رئيس المجلس الرئاسي، موسى الكوني، الذي شدد على ضرورة العمل بنظام الأقاليم الثلاثة بمجالس تشريعية مستقلة، لضمان تحقيق الاستقرار وتوزيع السلطة والثروة بشكل أكثر عدالة. 

واليوم الإثنين، أعاد نائب رئيس المجلس الرئاسي موسى الكوني الحديث عن الأقاليم الثلاثة وعودة العمل بنظام المحافظات كسلطة تنفيذية في البلاد، ضمن اجتماع مع رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عماد السايح، آمر المنطقة العسكرية بالساحل الغربي الفريق صلاح الدين النمروش.

وحسب بيان صادر عن المجلس الرئاسي اليوم الإثنين فقد تطرق الاجتماع لرؤية الكوني عودة العمل بنظام المحافظات كسلطة تنفيذية لسهولة متابعتها ولضمان نيل كل مناطق ومكونات الشعب الليبي حقوقهم بتسلمها ميزانياتها لإدارة مشاريعها، ولتخفيف الأعباء عن الحكومة المركزية التي ستتفرغ لدورها السيادي. 

وتحدث نائب رئيس المجلس الرئاسي، أمس الأحد، ضمن لقائه السفير البريطاني لدى ليبيا مارتن لونغدن، عن ضرورة العمل بنظام الأقاليم الثلاثة بمجالس تشريعية مستقلة، وهو ما أثار جدلا واسعا بين سياسيين ليبيين بشأن قضية الأقاليم الثلاثة التي جرى طرحها بعد 2011.

وتتكرر الدعوات من جانب الكوني لتطبيق الحل الفدرالي، إذ سبق أن قال في أكتوبر 2023 إن المركزية أرهقت العاصمة طرابلس، وأسهمت في حالة الانسداد السياسي الحالي، مشدداً على ضرورة عودة العمل بنظام المحافظات المتبع قبل العام 1969 للحد من النزاعات على السلطة.

وأثارت هذه الدعوة أثارت جدلاً واسعاً، حيث اعتبرها البعض خطوة في اتجاه تفكيك وحدة الدولة، بينما رآها آخرون حلاً عمليًا لأزمة الحكم المستمرة منذ أكثر من عقد.  

ويأتي هذا الطرح في سياق مساعٍ متكررة لتقديم حلول سياسية للخروج من الأزمة، لكنه في الوقت ذاته يعيد إحياء المخاوف من أن يؤدي إلى تقسيم البلاد فعلياً بين الشرق والغرب والجنوب. 

ويرى معارضو هذه الفكرة أن المجلس الرئاسي الحالي، شأنه شأن بقية الأجسام السياسية في ليبيا، كيان مؤقت لا يملك صلاحية تقرير شكل الحكم في البلاد، وهو أمر يجب أن يُحسم عبر استفتاء شعبي. 

كما يشير بعض المراقبين إلى أن التجارب الدولية أثبتت أن التحول من المركزية إلى الفيدرالية في دول لم تترسخ فيها هياكل الحكم المستقرة قد يؤدي إلى مزيد من الانقسامات بدلاً من تحقيق الاستقرار.  

من جهة أخرى، يلفت بعض المحللين إلى أن توقيت طرح هذه الدعوة يثير تساؤلات حول ارتباطها بالضغوط الدولية والتدخلات الخارجية، خاصة مع تزايد التركيز الأممي والغربي على منح المجلس الرئاسي دورًا يتجاوز اختصاصاته، وهو ما يراه البعض محاولة لإعادة رسم المشهد السياسي وفق مصالح خارجية، وليس بناءً على توافق وطني.  

وبالمقابل، يرى المدافعون عن الفكرة أن المركزية المفرطة كانت أحد الأسباب الرئيسية لتأجيج النزاعات في ليبيا، وأن العودة إلى نموذج الأقاليم الذي كان قائماً قبل عام 1969 قد يتيح توزيعاً أكثر عدالة للسلطة والثروة، خاصة في ظل اتهامات بعض المناطق، مثل برقة وفزان، بالتهميش المستمر من قبل السلطة المركزية في طرابلس.  

وبينما يستمر الجدل حول هذا الطرح، يبدو أن مستقبل نظام الحكم في ليبيا سيظل رهيناً للتوازنات السياسية الداخلية والخارجية، في ظل غياب توافق وطني حقيقي على آليات الحكم وتوزيع السلطة، وهو ما يجعل أي خطوة من هذا النوع محفوفة بالمخاطر، سواء في اتجاه تعزيز الاستقرار أو في الدفع نحو مزيد من الانقسام.