انتهاكات ضد المهاجرين في ليبيا وسط دعم أوروبي لخفر السواحل

0
124

أفادت منظمة هيومن رايتس ووتش بأن السلطات الليبية، وبدعم من الاتحاد الأوروبي، أعادت قسراً 3800 مهاجر غير نظامي إلى ليبيا خلال الأشهر الثلاثة الماضية، بينما لقي 400 مهاجر آخرين حتفهم أو فُقدوا في عرض البحر.

ودعت المنظمة، في تقريرها الصادر اليوم الثلاثاء، الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء ووكالة الحدود وخفر السواحل الأوروبية فرونتكس إلى إعطاء الأولوية لإنقاذ الأرواح في البحر.

وانتقدت المديرة المشاركة لقسم أوروبا وآسيا الوسطى في المنظمة، جوديث سندرلاند، ما وصفته بسياسة الإغراق البغيضة التي يعتمدها الاتحاد الأوروبي كوسيلة للردع، مؤكدة أن على الاتحاد العودة إلى قيمه الإنسانية من خلال تنفيذ عمليات بحث وإنقاذ فعالة، وإنزال المهاجرين في أماكن آمنة.

وسلط التقرير الضوء على حادثة احتجاز السفينة «جيو بارنتس» التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود، بعد أن نفذت في سبتمبر الماضي عمليتي إنقاذ أنقذت خلالهما 206 مهاجرين، معظمهم من إثيوبيا وإريتريا وسوريا، رغم تدخل زورق دورية ليبي وتهديده بإطلاق النار.

وأشارت المنظمة الحقوقية إلى أن السلطات الإيطالية احتجزت السفينة لمدة 60 يوماً في أحد موانئها، مبررة ذلك بعدم امتثالها لأوامر السلطات الليبية.

وفي ديسمبر، أعلنت “أطباء بلا حدود” وقف تشغيل السفينة بسبب القيود المتزايدة التي فرضتها الحكومة الإيطالية، ومنها إلزام السفن بإنزال المهاجرين في موانئ بعيدة، مما جعل استمرار تشغيلها بصيغتها الحالية أمراً مستحيلاً، لكنها أكدت عزمها استئناف عمليات البحث والإنقاذ في البحر المتوسط في أقرب وقت ممكن.

وكشفت هيومن رايتس ووتش أنها أجرت مقابلات مع 11 ناجياً كانوا على متن السفينة “جيو بارنتس”، أكدوا جميعاً تعرضهم لانتهاكات وحشية في ليبيا، مما يبرز العواقب الكارثية لدعم الاتحاد الأوروبي وإيطاليا لقوات خفر السواحل الليبية.

وأكدت المنظمة أن جميع الذين تمت مقابلتهم تحدثوا عن تعرضهم لانتهاكات خطيرة تراوحت بين الابتزاز والعمل القسري والتعذيب والاغتصاب، سواء داخل مراكز الاحتجاز الرسمية التي تخضع نظرياً لسلطة الدولة، أو أثناء الاحتجاز لدى المهربين. كما أُعيد احتجاز العديد منهم عدة مرات بعد اعتراضهم في البحر من قبل القوات الليبية والتونسية.

واتهم التقرير الاتحاد الأوروبي بالتخلي عن مسؤوليته فيما يتعلق بعمليات البحث والإنقاذ في البحر المتوسط، مشيراً إلى أن بروكسل تواصل دعم قوات خفر السواحل الليبية رغم الأدلة الواضحة على الانتهاكات والاحتجاز غير الإنساني للمهاجرين في ليبيا.

كما أشار إلى أن “فرونتكس” تساعد في عمليات الإعادة القسرية من خلال المراقبة الجوية فوق البحر المتوسط، بينما يتم تكرار النموذج نفسه في التعاون مع دول أخرى مثل تونس ولبنان، حيث يواجه المهاجرون انتهاكات خطيرة، بما في ذلك الطرد القسري رغم المخاطر التي قد يتعرضون لها.

وخلال العقد الماضي، وثّقت المنظمة الدولية للهجرة أكثر من 31,300 حالة وفاة أو فقدان في البحر المتوسط، من بينها 2,300 حالة في عام 2024 وحده.

وكان شهر ديسمبر هو الأكثر دموية، حيث بلغ عدد القتلى والمفقودين 309 أشخاص على الأقل. ومنذ بداية عام 2025، فُقد نحو 100 مهاجر في عرض البحر، بينهم ثمانية أطفال.

في أكتوبر الماضي، أطلقت هيومن رايتس ووتش حملة “مع الإنسانية”، مطالبة وكالة فرونتكس باتخاذ إجراءات ملموسة لاستخدام تقنياتها وخبراتها لإنقاذ الأرواح.

وأكدت المنظمة أنه يجب على الوكالة مشاركة مواقع القوارب المنكوبة التي ترصدها طائراتها مع سفن الإنقاذ غير الحكومية، وإطلاق تنبيهات طوارئ بناءً على تعريف واسع لمفهوم الاستغاثة، لضمان تقديم المساعدة عند الحاجة.

واختتمت سندرلاند تعليقها قائلة إن الأشخاص الذين يخوضون هذه الرحلات الخطرة لا يفرون فقط من المشقة والانتهاكات، بل يسعون أيضاً إلى بناء مستقبل جديد، مؤكدة أنه إذا أتيحت لهم الفرصة العادلة، فإن معظم الذين يصلون إلى أوروبا سيتمكنون من مساعدة أنفسهم وأسرهم والمجتمعات التي تستقبلهم.