ماذا يعني تمديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حالة الطوارئ في ليبيا؟

0
125

مدّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حالة الطوارئ الوطنية في ليبيا لعام إضافي، ما يعكس استمرار النظرة الأمريكية لهذا البلد كتهديد غير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة. 

واستند هذا القرار إلى قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية، والذي يربط بين الوضع الليبي واستمرار العنف، وانتهاكات حظر الأسلحة، واختلاس الموارد الطبيعية.

ويأتي القرار الأخير امتداداً لسياسات العقوبات التي بدأها الرئيس الأسبق باراك أوباما في عام 2011 عقب اندلاع الاحتجاجات ضد معمر القذافي، والتي تحولت إلى مواجهات مسلحة تسببت في تدخل قوات الناتو بدعم أمريكي. 

وفي 25 فبراير 2011، أُعلن عن حالة الطوارئ الوطنية بموجب الأمر التنفيذي رقم 13566، الذي جمد الأصول المالية لعائلة القذافي وفرض قيوداً تجارية على كيانات مرتبطة بالنظام، وذلك في إطار مواجهة ما اعتُبر تهديدًا للأمن القومي الأمريكي.

ومع سقوط نظام القذافي في أكتوبر 2011، دخلت ليبيا مرحلة من الفوضى السياسية والأمنية، حيث تزايد الاقتتال بين الفصائل المدعومة من قوى إقليمية، وفي 2016، وسع الرئيس الأمريكي باراك أوباما نطاق حالة الطوارئ لتشمل العنف المستمر في ليبيا وتهديداته للأمن الإقليمي والعالمي، وقد استمر هذا التوجه مع إدارات الرؤساء اللاحقين، بما في ذلك ترامب. 

وأثار هذا التمديد تساؤلات حول سياسة ترامب تجاه ليبيا، وما إذا كان سينتهج مقاربة جديدة أو سيواصل النهج السابق في التعامل مع الأزمة الليبية؟

واتبعت الإدارات الأمريكية المتعاقبة استراتيجيات متعددة لضمان تحقيق أهدافها في ليبيا، وركّزت واشنطن على تعيين مبعوثين خاصين لتعزيز التنسيق بين الأطراف المتنازعة، ودعم الحلول السلمية التي تتماشى مع مصالحها الإقليمية، كما فرضت ضغوطاً عسكرية عبر أدوات استخباراتية لمنع تجدّد النزاع، مع الحرص على إبقاء الفاعلين السياسيين والعسكريين تحت رقابتها.

ولجأت الإدارات الأمريكية إلى العقوبات كأداة لمعاقبة الجهات التي تعرقل العملية السياسية، ما يعكس اعتمادها على سياسة تجمع بين الترغيب والترهيب لضبط المشهد الليبي.  

وعزّزت إدارة الرئيس جو بايدن تدخلها في الملف الليبي عبر استراتيجية تربط ليبيا بالإطار الأوسع للأمن الأفريقي، مع التركيز على ضبط المؤسسات الليبية، لا سيما المصرف المركزي. 

ومارست واشنطن ضغوطاً لإعادة تشكيل المشهد المالي بما يخدم مصالحها، في خطوة تهدف إلى ضمان عدم استخدام موارد ليبيا بطرق تتعارض مع استراتيجيتها الإقليمية، حيث دفع هذا التوجه الولايات المتحدة إلى مراقبة القرارات الاقتصادية الليبية، لضمان بقائها ضمن التوازنات التي تخدم أهدافها في المنطقة.  

وفضّل ترامب، خلال ولايته الأولى، نهجاً أقل تدخلاً في ليبيا، مع التركيز على محاربة الإرهاب أكثر من الانخراط المباشر في الصراع السياسي، وراقب الوضع بحذر دون دفع مسار الحل السياسي بفاعلية، ما جعل سياسته تجاه ليبيا تتسم بالمحدودية مقارنة بالإدارات السابقة. 

وانعكست هذه المقاربة على تعامل واشنطن مع الفاعلين الليبيين، حيث اكتفت بدعم استقرار الوضع دون اتخاذ خطوات جوهرية تعيد ترتيب المشهد الداخلي بشكل حاسم.

واستخدمت الإدارات الأمريكية المتعاقبة الأدوات العسكرية والدبلوماسية بشكل متوازٍ لضمان استقرار ليبيا وفق مصالحها، مع إمكانية التدخل في القرارات المالية والاقتصادية لضمان عدم خروج موارد البلاد عن نطاق السيطرة الأمريكية. 

وأظهرت التحركات الأخيرة حرص الولايات المتحدة على إبقاء ليبيا ضمن نطاق نفوذها، مع توظيف العقوبات والتدخلات الاقتصادية كوسائل ضغط أساسية.  

ومنذ أحداث 17 فبراير 2011، حافظت السياسة الأمريكية تجاه ليبيا على ثوابتها رغم تغير الإدارات، حيث استمر التركيز على ضبط الأوضاع بما يضمن تحقيق المصالح الاستراتيجية لواشنطن، وهو ما أكدته إدارة ترامب السابقة، حيث تعاملت مع الملف الليبي بتركيز على الحد من الفوضى، من خلال التعاون مع الجهات الفاعلة في ليبيا لتحقيق الاستقرار، انطلاقاً من منظور المصالح المشتركة. 

وأكّد تمديد حالة الطوارئ الوطنية أن الولايات المتحدة لا ترى ليبيا مجرد أزمة عابرة، بل ساحة تتطلب ضبطاً مستمراً لمنع أي تحولات قد تؤثر على توازنات القوى الإقليمية.