موقف مصر الحاسم في ليبيا.. نقطة تحول إقليمية وإرباك للخطط التركية

0
226

مواقف كثيرة اتخذتها دول ومنظمات دولية تجاه الانتهاكات التركية في ليبيا، إلا أن موقف مصر الحاسم والجاد أربك حسابات تركيا الطامعة في ثروات الليبيين.

بدأت مصر بدعوة جادة للسلام، لم تكتفي بإصدار بيان أو ترسل وفداً من خارجيتها، بل استضافة رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح، الممثل للسلطة التشريعية في ليبيا، وقائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر، أحد طرفي النزاع، وأعلنت عن مبادرة لحل الأزمة الليبية سياسياً تحت مسمى “إعلان القاهرة” والتي لاقت استحسان وقبول من أغلب زعماء العالم، إلا أن حكومة الوفاق الموالية لتركيا أعلنت رفضها التام لها.

لم تكن تركيا تعير أي اهتمام للمطالب والدعوات الدولية بالتوقف عن تأجيج الصراع في ليبيا، وواصلت خرق قرار الأمم المتحدة بحظر توريد السلاح المفروض على ليبيا، وأمدت حكومة الوفاق في طرابلس بالمدرعات والطائرات المسيرة، وجلبت أكثر من 16 ألف مرتزق للانضمام إلى صفوف ميليشيات الوفاق، حتى أنها اعترضت أحد السفن الحربية الفرنسية المشاركة في العملية “إيريني” المعنية بتطبيق قرار حظر توريد السلاح إلى ليبيا.

ومع عدم استجابة حكومة الوفاق لدعوة السلام المصرية، طالب البرلمان الليبي، من مصر الدفاع عن أمن ليبيا ومصر المشتركين في نفس المصير، أعقبه تأييد من القبائل الليبية، التي حضرت إلى القاهرة لإعلان تفويضها للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

 واستكمالاً لخطوات مصر التي تعبر عن جديتها في التعامل مع القضية الليبية، عقد البرلمان المصري جلسة سرية لنظر الموافقة على إرسال قوات الجيش المصري في مهام خارج البلاد، وأعلن الموافقة بأغلبية أصوات النواب على تفويض الرئيس المصري، للدفاع عن الأمن القومي غرب البلاد.

وتسبب الموقف المصري في رجع صدي كبير على مستوى العالم، لا سيما خطط تركيا التوغل في ليبيا، وتوقفت عملياتها العسكرية، وأخذت تحشد قوات عسكرية بالتعاون مع ميليشيات الوفاق حول سرت، وراحت تعقد اجتماعات مع ممولتها الأساسية وممولة الإرهاب في الدول العربية “قطر”.

كما تسبب الموقف المصري في إرباك الإدارة التركية، وتصريحات مسؤوليها تدل على ذلك، فبعد إعلان المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، الأحد الماضي، أن بلاده لا نيه لديها لمواجهة مصر أو أي دولة في ليبيا، خرج الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، بتلميحات عن عزمه المضي في معركة كبرى وقال: ” نتابع عن قرب بعض التطورات التي حصلت مؤخراً في ليبيا يجب ألَّا يتحمس أحد، لن نمنحهم الفرصة”.

من جهة أخرى تعبر التحركات على الأرض عن خوف كبير لدي تركيا وميليشيات الوفاق من الموقف المصري، وتحدثت تقارير إعلامية عن تحرك رتل عسكري تابع للوفاق مكون 200 مركبة بالقرب من سرت، إلى جانب إرسال تركيا لراجمات صواريخ محلية الصنع، قيل أن مداها يصل إلى 40 كيلومتر، وسعيها لضخ المزيد من المرتزقة تحضيراً للمعركة الكبرى إذا تمت مع مصر.

الموقف المصري ليس بعيداً أيضاً عن حسابات المواجهة الإقليمية مع مشروع تركيا التوسعي للسيطرة على المنطقة، ولعل هذا بدا ترجمته المواقف العربية والدولية الواضحة والمتفهمة لمدى التهديد الأمني الذي تشعر به، والتي خرجت للتشديد على دعم القاهرة، باعتبار تحركها دفاعاً عن الأمن القومي العربي.