الفقر في ليبيا: ثروات نفطية هائلة وواقع معيشي متدهور

0
205
ارتفاع الأسعار في ليبيا

رغم امتلاك ليبيا لثروات نفطية ضخمة، إلا أن معدلات الفقر تستمر في الارتفاع، ما يعكس خللاً عميقاً في توزيع الموارد وإدارة الاقتصاد. 

وأشارت تقارير دولية إلى أن الفساد والصراع السياسي لعبا دوراً رئيسياً في حرمان شريحة واسعة من الليبيين من الاستفادة من عائدات بلادهم، مما أدى إلى أوضاع معيشية متدهورة. 

وكشفت دراسات محلية ودولية عن أرقام صادمة حول تفشي الفقر، حيث يواجه آلاف المواطنين صعوبات في تلبية احتياجاتهم الأساسية، وسط غياب حلول اقتصادية فعالة لتحسين مستوى المعيشة.

وذكرت مجلة “أتالايار” الإسبانية أن دراسة أجرتها كلية الاقتصاد بجامعة مصراتة أظهرت أن 32.5% من الأسر الليبية تعيش تحت خط الفقر، من بينها 1.9% تعاني من الفقر المدقع.  

وأوضح أستاذ الاقتصاد بجامعة مصراتة، عبد الحميد الفضيل، أن طرابلس سجلت أعلى نسبة للأسر التي تعيش تحت خط الفقر، حيث بلغت 11.3%. 

كما أظهرت البيانات أن الفئة العمرية الأكثر تضرراً تتراوح بين 45 و55 عاماً، إذ يعاني 12.6% منهم من الفقر مقارنة بالمجموعات العمرية الأخرى.  

وربط التقرير بين تفشي الفقر وارتفاع أعداد المتسولين، مستشهدًا بإحصائيات مديرية أمن طرابلس التي ضبطت 878 متسولاً خلال العام الماضي، بينهم 329 ليبياً، منهم 61 طفلاً، بينما البقية من جنسيات أجنبية، منهم 283 امرأة و106 أطفال. 

ويرى مراقبون أن انتشار التسول يعكس مدى الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، والتي ألقت بظلالها على الشرائح الأضعف، لا سيما الأطفال. 

كما أشار التقرير إلى أن الليبيين طالما أنكروا وجود متسولين من مواطنيهم، إذ كان ينظر إلى المتسولين في المدن الكبرى مثل طرابلس على أنهم من دول مجاورة، لكن الظروف الاقتصادية المتدهورة دفعت العديد منهم إلى امتهان التسول أو القبول بأعمال كانت مرفوضة اجتماعياً في السابق.  

ولفت التقرير إلى أن نحو ثلث الليبيين محرومون من ثروات بلادهم، في وقت تستفيد شبكات الفساد المترابطة مع مراكز صنع القرار والميليشيات المسلحة من عائدات النفط والغاز، عبر السيطرة على مسارات التهريب والمضاربة والقطاعات التجارية الكبرى. 

وأعربت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا عن قلقها إزاء تفشي ظاهرة التسول بين المواطنين، مرجعة ذلك إلى تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي بفعل التضخم وارتفاع الأسعار وانهيار قيمة الدينار وضعف القدرة الشرائية.

 كما أوضحت أن الأزمة أثرت بشدة على الفئات الأكثر ضعفًا، مثل النازحين والمرضى وأصحاب الدخل المحدود والعاطلين عن العمل والمتقاعدين والمستفيدين من معاشات التضامن الاجتماعي.  

وأقر وزير الاقتصاد والتجارة بحكومة الوحدة الوطنية، محمد الحويج، بأن نحو 40% من الليبيين يعيشون تحت خط الفقر، بينما أشار البنك الدولي إلى أن معدلات الفقر ارتفعت بشكل ملحوظ بسبب التضخم، وانهيار العملة، وارتفاع أسعار السلع الأساسية والخدمات الصحية، فضلاً عن تراجع مستوى الدخل. 

ورغم ارتفاع إنتاج النفط، إلا أن سنوات الصراع والانقسام السياسي حالت دون تنفيذ استثمارات كافية أو تطوير البنية التحتية، مما أدى إلى ضعف دور الدولة في الاقتصاد وتراجع فرص تنمية القطاع الخاص. 

وأظهرت دراسة ميدانية أن 13% من الأسر باعت ممتلكاتها لتغطية احتياجاتها المالية، و35% دخلت في ديون خاصة لشراء الطعام، بينما يعيش 29% من الأسر بأقل من ثلاثة دولارات يومياً، و13% لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الأساسية اليومية.