بعد 14 عاماً على فبراير.. كيف أصبحت الميليشيات صاحبة نفوذ قوي في ليبيا؟

0
285

في 17 فبراير 2011، اندلعت ثورة شعبية في ليبيا ضد نظام معمر القذافي، مطالبةً بالحرية والعدالة والتغيير السياسي، نجحت الثورة في الإطاحة بالقذافي، لكنها تركت البلاد في حالة من الفوضى والانقسام، مما أدى إلى انهيار مؤسسات الدولة، وتفكك الجيش، وصعود الميليشيات المسلحة والجماعات المتطرفة، ودخول تنظيمات إرهابية مثل “داعش” و”القاعدة” إلى الساحة الليبية.

ومع سقوط نظام القذافي، واجهت ليبيا فراغًا سياسيًا وأمنيًا كبيرًا، ولم تكن هناك خطط واضحة لبناء مؤسسات دولة حديثة، مما أدى إلى انهيار مؤسسات الدولة في مقدمتها الجيش الذي كان يعتمد بشكل كبير على ولاء القبائل والشخصيات المقربة من النظام السابق.

تفكك الجيش بسرعة بعد انشقاق العديد من قادته وانضمامهم إلى صفوف الثوار أو تشكيل فصائل مسلحة مستقلة، هذا التفكك خلق بيئة مناسبة لظهور مجموعات مسلحة متعددة، كل منها يسعى لتحقيق مصالحه الخاصة.

وفي ظل غياب سلطة مركزية قوية، برزت الميليشيات كقوى رئيسية على الأرض، مستغلة الفراغ الأمني لتحقيق نفوذها، هذه الميليشيات، التي تشكلت على أسس قبلية أو أيديولوجية، سيطرت على مناطق واسعة، وتحكمت في الموارد المحلية، مما زاد من تعقيد المشهد الأمني والسياسي في البلاد.

كما استغلت التنظيمات المتطرفة الدولية، مثل “داعش” و”القاعدة”، حالة الفوضى للتمدد داخل ليبيا، ودخلت البلاد، وسيطرة لفترة على العديد من أراضيها قبل انتفاض الجيش الوطني الليبي وقضائه عليها.

وإلى جانب الجماعات المتطرفة، صعدت جماعة الإخوان المسلمين في المشهد السياسي، مستغلة الوضع الهش. تمكنت من اختراق المؤسسات، والتحكم في مفاصل السلطة عبر تحالفات مع الميليشيات المسلحة، مما عزز الانقسام الداخلي وأضعف فرص تحقيق المصالحة الوطنية.

ومنذ عام 2011، ارتكبت الميليشيات المسلحة في ليبيا سلسلة من الجرائم والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ورغم هذه الجهود المحلية والدولية، لا تزال الميليشيات ترتكب انتهاكات بحق المدنيين في غرب ليبيا، بما في ذلك القتل والاختطاف والابتزاز، في ظل غياب سلطة قانونية قادرة على محاسبتها.

كما تسببت الصراعات المسلحة في شلل قطاع النفط، حيث تعرضت الحقول والموانئ للإغلاق المتكرر، وتراجع الإنتاج النفطي أثّر بشكل مباشر على الوضع المعيشي، في وقت تواجه فيه البلاد أزمة اقتصادية خانقة وسط انقسام المؤسسات المالية.

واليوم تواجه ليبيا تحديات كبيرة في سبيل استعادة استقرارها وبناء مؤسسات دولة فاعلة، استمرار وجود الميليشيات والجماعات المسلحة يعيق جهود المصالحة الوطنية وإعادة الإعمار.

كما تسهم التدخلات الخارجية وتضارب المصالح الدولية في تعقيد الأزمة الليبية، مع ذلك، يظل الأمل معقودًا على جهود الليبيين والمجتمع الدولي لتحقيق تسوية سياسية شاملة، تعيد للبلاد سيادتها وتضمن الأمن والازدهار لشعبها.