ميليشياوي يحقق في تجاوزات سجون غرب ليبيا.. تحقيقات شكلية أم تبييض للانتهاكات؟

0
1759

كشف تكليف حكومة الوحدة الوطنية لوكيل وزارة العدل، علي الشتيوي، بالتحقيق في انتهاكات سجون غرب ليبيا عن تناقضات عميقة في آلية التعامل مع التقارير الأممية، خاصة في ظل الاتهامات الموجهة إليه بعلاقته الوثيقة ببعض الشخصيات المتورطة في هذه الانتهاكات. 

التقرير الصادر عن فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن أشار إلى ارتكاب تجاوزات جسيمة بحق المحتجزين، تضمنت التعذيب والإخفاء القسري وسوء المعاملة، ما دفع وزارة العدل إلى الإعلان عن تحقيق رسمي، مع تحديد مهلة ثلاثة أيام لشتيوي للرد على هذه الاتهامات.  

غير أن هذا التكليف يثير تساؤلات حول حيادية التحقيقات، نظراً لأن الشتيوي لا يُعرف باستقلاليته، بل برز اسمه في عدة محطات باعتباره جزءً من المنظومة التي يُفترض أن يُحقق فيها، فقد سبق أن كُلف بمهام حساسة، منها عضوية لجنة التسليم والاستلام في المصرف المركزي، وسط اتهامات بتورطه في اقتحام المصرف، ما لم يمنعه من الترقية لاحقاً إلى منصبه الحالي. 

كما أن علاقته الوثيقة بأسامة انجيم، رئيس الشرطة القضائية المتهم بارتكاب تجاوزات والمطلوب من الجنائية الدولية، تلقي بظلال من الشك على مدى جدية التحقيق.  

وارتبط اسم الشتيوي بالنشاط العسكري، حيث كان قائداً في محور اليرموك خلال حرب طرابلس، إضافة إلى دوره القيادي في ميليشيات “بركان الغضب”، وهو ما دفع حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج ثم حكومة الدبيبة إلى مكافأته بمناصب متقدمة في وزارة العدل. 

وجاء تعيينه في منصب وكيل شؤون الشرطة القضائية عام 2021 وسط انتقادات اعتبرت أن القرار لم يكن سوى امتداد لمنهجية ترسيخ نفوذ الميليشيات داخل المؤسسات الرسمية.  

وسلط التقرير الأممي الضوء على انتهاكات الشرطة القضائية، بما في ذلك 8 حالات موثقة لانتهاك القانون الدولي في مرافق الاحتجاز بطرابلس، يضع الحكومة في مأزق، خاصة أن هذه الانتهاكات تمت تحت إشراف مسؤولين مقربين من الشتيوي. 

وطالما كان سجن معيتيقة، الذي ورد في التقرير أحد أبرز مواقع الانتهاكات، وكثيراً ما طالته انتقادات حقوقية دون أن تتحرك السلطات بشكل فعلي لمعالجة الوضع.  

ويبدو أن تكليف الشتيوي بالتحقيق ليس سوى خطوة شكلية تهدف إلى احتواء الضغوط الدولية، خصوصاً أن الآليات المتبعة لمحاسبة المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان داخل ليبيا لا تزال خاضعة لمصالح أطراف نافذة. 

وفي ظل هذه المعطيات، يظل مصير التحقيقات مرهوناً بمدى جدية الحكومة في مواجهة النفوذ الميليشياوي داخل المؤسسات، أو استمرارها في منح المتورطين سلطات تتيح لهم طمس الحقائق وإفلاتهم من المحاسبة.