عانت ليبيا منذ عام 2011 من انقسام مالي حاد أدى إلى غياب ميزانية موحدة، مما أثر بشكل مباشر على أداء المؤسسات العامة والخدمات الأساسية المقدمة للمواطنين. فقد تسبب هذا الانقسام في خلق أزمات اقتصادية متتالية، أبرزها عدم انتظام صرف الرواتب، وتعطل المشروعات التنموية، وغياب التخطيط الاستراتيجي للإنفاق الحكومي.
كما أدت هذه الانقسامات إلى محاولات عدة لتوحيد المصرف المركزي الليبي ودمجه ضمن إطار مالي موحد، إلا أن الاختلافات السياسية والإدارية حالت دون تحقيق ذلك بشكل نهائي.
الانقسام بين المؤسسات المالية في شرق وغرب البلاد وعدم وجود إطار موحد لإدارة الموارد أسفر عن ازدواجية في القرارات المالية، مما عمّق الأزمة الاقتصادية وأضعف قدرة الدولة على تحقيق الاستقرار النقدي والمالي.
وعلى مر السنين، بُذلت جهود متكررة لمحاولة دمج مصرف ليبيا المركزي في نظام مالي موحد يشمل الميزانية الوطنية، إذ كان يُنظر إلى هذا الدمج كخطوة استراتيجية نحو إصلاح النظام المالي وتعزيز الشفافية وتحسين تخصيص الموارد. ومع ذلك، ظل التباين السياسي والاختلاف في السياسات المالية بين الجهات المختلفة عائقًا أمام توحيد البنك المركزي وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية المطلوبة.
واليوم، دعت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا كافة السلطات المعنية إلى الإسراع في التوصل إلى اتفاق بشأن الميزانية الموحدة لعام 2025 دون أي تأخير.
وجاء هذا التصريح عقب إعلان مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي عن استعداده للتنسيق مع الجهات المختصة لاعتماد ميزانية موحدة وفقًا لقانون يصدره مجلس النواب. وأكدت البعثة في بيانها أن توحيد الميزانية يعد خطوة أساسية لضمان الاستقرار الاقتصادي وتحقيق توزيع عادل للإيرادات الوطنية.
ويرى مراقبون أن وجود ميزانية شفافة ومتوازنة سيسهم في تعزيز المسؤولية المالية، وتحسين تخصيص الموارد، وضمان إدارة فعالة للإنفاق العام، مما يساعد على تحقيق الاستدامة المالية. كما سيمكن المصرف المركزي من تنفيذ سياسات نقدية أكثر كفاءة، والمساهمة في استقرار سعر الصرف، وتعزيز الرقابة المالية، مما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد الليبي ككل.
ومع استمرار الانقسام السياسي، يبقى التحدي الرئيسي أمام ليبيا هو تحقيق توافق حقيقي بين الأطراف المختلفة لضمان تنفيذ الميزانية الموحدة ودمج المصرف المركزي في نظام مالي متكامل، فغياب هذا التوافق لن يؤدي إلا إلى استمرار الأزمات الاقتصادية، وتعطيل جهود الإصلاح المالي، مما يضعف قدرة الدولة على توفير الخدمات الأساسية لمواطنيها.
وإن توحيد الميزانية لا يمثل مجرد إجراء مالي، بل هو ضرورة اقتصادية واستراتيجية لضمان استقرار ليبيا، وتعزيز ثقة المؤسسات المالية الدولية، وخلق بيئة استثمارية مستقرة، فهل يشهد عام 2025 أخيراً خطوة حقيقية نحو إنهاء الانقسام المالي وتحقيق التوازن الاقتصادي في ليبيا؟
- الحكومة الإيطالية: أفرجنا عن الليبي “أسامة نجيم” بسبب “ثغرات” في مذكرة الجنائية الدولية
- دبيبة يبحث مع وفد “أفريكوم” التعاون العسكري والتطورات الأمنية في المنطقة
- داخلية الحكومة الليبية المكلفة تشكل غرفة عمليات مشتركة لمواجهة الهجرة غير القانونية
- الميزانية الموحدة في ليبيا.. ضرورة اقتصادية لتعزيز الاستقرار وتوحيد الجهود المالية
- “الحداد” يشيد بدور الولايات المتحدة الداعم لتوحيد المؤسسات العسكرية الليبية