100 مليار دينار للرواتب.. هل تتجه ليبيا نحو أزمة مالية خانقة؟

0
84

أثار تصريح وزير المالية في حكومة الوحدة الوطنية الليبية، خالد المبروك، حول توقعه ارتفاع بند الرواتب إلى 100 مليار دينار قريباً، جدلاً واسعاً حول دقة الأرقام والنتائج الاقتصادية المترتبة على ذلك. 

ويكشف الإعلان عن هذا الرقم، الذي يفوق الرواتب الحالية المقدرة بـ67 مليار دينار، عن تضخم وظيفي غير مسبوق يعكس أزمة اقتصادية أعمق في ليبيا.

وفي 13 يناير 2025، قال المصرف المركزي، إن إجمالي النفقات في ليبيا بلغ خلال العام الماضي 123.2 مليار دينار بينها أكثر من 67 مليارا للرواتب.

وفق بيان المصرف الشهري للإيراد والإنفاق العام الصادر اليوم، استحوذ الباب الأول الخاص بالرواتب على أغلب النفقات مع 67.6 مليار، فيما بلغ إجمالي نفقات الباب الثاني (النفقات التسييرية) 7.7 مليار دينار.

ويعكس حديث المبروك خلال اجتماع الهيئة الرقابية في طرابلس يعكس تناقضًا بين تصريحات الحكومة حول استقرار الوضع المالي وبين اعتمادها المتزايد على الاقتراض من المصرف المركزي.

بحسب مراقبين، يكشف هذا التناقض عن خلل بنيوي في إدارة المالية العامة، حيث يهدد الاقتراض المتزايد بزيادة المعروض النقدي، مما قد يؤدي إلى تراجع قيمة الدينار مقابل الدولار وارتفاع معدلات التضخم، وهو ما سينعكس سلبًا على معيشة المواطنين.

ويرى مختصون أن تضخم الرواتب في ليبيا ليس نتيجة مباشرة لزيادة التعيينات فحسب، بل يرجع أيضاً إلى الفساد الإداري وسوء توزيع الموارد المالية. 

ويكشف بعض المراقبين عن مفارقة خطيرة، حيث تعلن الحكومة باستمرار عن تضخم الجهاز الإداري وضرورة الحد من التوظيف، بينما ترتفع التقديرات المالية المخصصة للرواتب بمقدار 33 مليار دينار دون تبريرات واضحة.

 

وحذر خبراء اقتصاديون من تداعيات هذا التوجه، كون الاعتماد على الاقتراض بالدينار لتغطية النفقات يؤدي إلى زيادة السيولة المحلية، مما يضعف قيمة الدينار في السوق الموازية ويؤدي إلى تضخم إضافي يرهق المواطنين. 

ويشير هؤلاء إلى أن الأزمة المالية التي بدأت منذ نوفمبر 2024 تعكس تراجع التدفقات المالية من المؤسسة الوطنية للنفط، وهو ما يعمّق العجز المالي ويجعل من الصعب الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي.  

يعكس هذا الوضع هشاشة المؤسسات المالية نتيجة الانقسام السياسي القائم بين حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس والحكومة المكلفة من البرلمان في الشرق. 

وتسبب هذا الانقسام في زيادة الإنفاق غير المبرر، وتراجع قدرة الدولة على محاربة الفساد، مما يؤدي إلى استنزاف العوائد النفطية بدلاً من استثمارها في مشاريع تنموية تقلل من الاعتماد على التوظيف الحكومي.

ولا يرتبط العجز المالي في ليبيا فقط بالتعيينات أو ازدواجية الوظائف، بل يعكس سوء إدارة الموارد ونهب المال العام، حيث تعزز هذه التقديرات المخاوف من أن أي إجراءات مستقبلية لسد العجز قد تأتي على حساب المواطنين عبر فرض ضرائب جديدة أو رفع الدعم عن الوقود.

ويؤدي غياب رؤية اقتصادية واضحة إلى تفاقم الأزمات المالية، حيث يعتمد الاقتصاد الليبي على النفط بشكل شبه كلي، فيما يفتقد إلى قطاع خاص قوي قادر على استيعاب الأيدي العاملة المتزايدة. 

ويشير مراقبون إلى أن حكومة الوحدة ستواجه تبعات سلبية على شعبيتها بسبب هذا التصريح، مؤكدين أن العشوائية في التعيينات وعدم وجود سياسات توظيف رشيدة يزيدان من الأعباء المالية على الدولة.  

ويعكس هذا الوضع الاقتصادي الهش تداعيات عدم وجود إصلاحات حقيقية تضع حدًا لهدر المال العام، تحتاج ليبيا إلى سياسة مالية أكثر انضباطاً، تعالج التضخم الوظيفي، وتحد من الاعتماد على الاقتراض الداخلي، لضمان عدم انهيار قيمة الدينار وتفاقم الأزمة المعيشية للمواطنين.

وتقول بيانات رسمية، إن عدد الموظفين الحكوميين في ليبيا يبلغ 2.5 مليون ما يمثل 31% من إجمالي السكان ويشكل بند الرواتب 56% من حجم الأنفاق العام للعام 2024.